التفاسير

< >
عرض

وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ
١٥
-القصص

خواطر محمد متولي الشعراوي

أراد موسى - عليه السلام - أن يدخل القرية على حين غفلة من أهلها، لأن بني إسرائيل كانوا مُضطهدين، وكان القبط في بعض المدن ذاتَ الكثافة العددية منهم يُحرِّمون على بني إسرائيل دخول قراهم؛ لذلك اختار موسى وقت غفلة الناس، لكنه لم يدخل في الليل لأنه لا يهتدي إلى الطريق، فقيل: دخلها وقت القيلولة والناس في بيوتهم.
{ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ .. } [القصص: 15] يعني: من بني إسرائيل { وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ .. } [القصص: 15] يعني: الأقباط { فَٱسْتَغَاثَهُ .. } [القصص: 15] أي: طلب منه العَوْن والنجدة { فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ .. } [القصص: 15] يعني: ضربه بجُمْع يديه، فجاءت نهاية القبطي وأجله مع هذه الضربة، لا أنه مات بها، وكثيراً ما تحدُث هذه المسألة في شجار مثلاً بين شخصين، فيضرب أحدهما الآخر فيقع ميتاً، وبتشريح جثته يتبين أنه مات بسبب آخر.
ومثال ذلك: حين تكلِّف شخصاً بقضاء حاجة لك، أو تُوسِّطه في أمر ما، فيدخل عند المسئولين ويسعى إلى أن يقضي لك حاجتك فتقول: "فلان قضالي كذا وكذا" وهو في الحقيقة ما قضى في الأرض إلا بعد أن قضى الله في السماء.
لكن الله تعالى أراد أنْ يُكرم الواسطة، فجعل قضاءها موافقاً لقضائه سبحانه، فنقول في هذه الحالة: قضي الله المصلحة معه لا به.
كان القبط - كما قُلْنا - يكرهون بني إسرائيل ويُعذِّبونهم، فلما قتلَ موسى القبطي زاد غضبهم وكراهيتهم لبني إسرائيل؛ لذلك أحسَّ موسى أن هذا العمل من الشيطان، ليزيد هذه العداوة { إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ } [القصص: 15].