التفاسير

< >
عرض

فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ
٢٠
-آل عمران

خواطر محمد متولي الشعراوي

{ فَإنْ حَآجُّوكَ } [آل عمران: 20] هذا القول يدل على أن الحق سبحانه وتعالى يلقي منهجه على الرسول الخاتم، ويعطيه الواقع الذي يحيا فيه، لقد جابه الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة معسكرات. المعسكر الأول: هم مشركو قريش، وكان كفرهم في القمة. والمعسكر الثاني: هو معسكر اليهود والنصارى ويجمعهم معا لأنهم أهل كتاب. والمعسكر الثالث: هو معسكر المنافقين. والمحاجّة قد أتت من المعسكر الثاني، لأن كفار قريش لم يدعوا أن عندهم ديناً قد نزل من السماء، أما أهل الكتاب فهم يدعون أن عندهم ديناً منزلاً من السماء، وعندما يناطح الشرك ديناً فهذا أمر معقول، أما أن يناطح أهل دين نزل من السماء رسولاً جاء بدين خاتم من السماء فهذا أمر يستحق أن نتوقف عنده.
ومعنى { فَإنْ حَآجُّوكَ } [آل عمران: 20] أي أنهم يحاججون الرسول صلى الله عليه وسلم وتم إدغام الحرفين المتشابهين وهما حرفا "الجيم" حتى لا تصبح ثقيلة على اللسان. ومعنى المحاجة: أن يدلي كل واحد من الخصمين بحجته. وهذا يعني النقاش، وما دام هناك نقاش بين حق وبين باطل، فإن الله لا يترك الرسول صلى الله عليه وسلم، بل يقول له: { فَإنْ حَآجُّوكَ } [آل عمران: 20] أي إن ناقشوك في أمر الإسلام الذي جئت به كدين خاتم مناقض لوثنية أو شرك قريش ومناقض لما قام أهل الكتاب بتغييره من مراد الله فقل يا محمد: { أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ } [آل عمران: 20] وقد قلنا من قبل: إننا عندما نسمع قول الحق "فقل" كان من الجائز أن يكتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقول القول, وضربنا مثلاً على ذلك، حين يقول الأب لابنه: اذهب إلى عمك وقل له: كذا وكذا. وساعة أن يذهب الابن إلى العم فيقول له: الأمر كذا، وكذا. إن الابن لا يقول لعمه: قل لعمك كذا وكذا .. لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حافظ على النص الذي جاءه من ربه لأن النص واضح. { فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ } [آل عمران: 20] فهل هذا رد بالحجة؟ نعم هذا هو الرد، لأن أهل الكتاب وكفار قريش يأتي فيهم القول:
{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيمُ } [الزخرف: 9].
ويأتي فيهم القول الحكيم:
{ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } [الزخرف: 87].
والكون كما نعرف "مكان" و"مكين" فالمكان: هو السماء والأرض. والمكين وهو الإنسان. والمكان مخلوق لله، والمكين مخلوق لله. وكان المنطق أن نسلم وجهنا لمن خلق.
إذن فقول الحق: { فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ } [آل عمران: 20] أي انتبهوا أيها الناس، إنني لم أخرج عن دائرة الإيمان بالإله الواحد، الذي تؤمنون به. إنه هو الذي خلق وهو الذي أوجد الكون. وبعد ذلك إذا كان في الإسلام خضوع، فإن الحق يأتي بأشرف شيء في الإنسان ليجعله مظهر الخضوع. لأن الوجه هو السمة العالية المميزة، وهو الذي يظهر عليه انفعالات الأحداث في الكون من سرور أو حزن، ويظهر عليه أنك قد تكون قد سجدت وأنت كاره للسجود، أو سجدت وأنت مقرب لله سبحانه وتعالى فيمتلئ الوجه بالبشر والبشاشة.
وقول الحق: { أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ } [آل عمران: 20]. تعني أن الوجه المسلم لله وهو أشرف شيء في الإنسان قد خضع للحق، وكأن القول الكريم لم ينسب الخضوع للبدن ولكن لأشرف شيء في الإنسان وهو الوجه، والوجه يطلق مرة ويراد به الذات كلها، فعندما يقول إنسان: "أسلمت وجهي" فهو يعني "أسلمت ذاتي" بكل ما أوتيت الذات من جوارح ومن أعضاء، ولنقرأ قول الحق سبحانه:
{ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ ٱلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [القصص: 88].
أي كل شيء هالك إلا ذاته سبحانه وتعالى، وهذا هو المقصود بـ "إلا وجهه" وإلا إن أخذنا الوجه على أنه الوجه فقط فقد يقول قائل: أليس لله يد مثلاً؟ ونقول إن له يداً في نطاق ليس كمثله شيء، ولذلك فلا يد الله تهلك ولا أي شيء فيه يهلك، ووجهه يعني ذاته في نطاق ليس كمثله شيء. وأطلق الوجه على الذات، لأن الوجه هو المشخص للذات، فلا يستطيع أحد أن يميز أعضاء بدن عن أعضاء بدن، إنما التمييز يأتي بسمة الوجه، لأنها السمة المميزة، وقول الحق في تلقينه لرسول الله: { فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ } [آل عمران: 20]. تدل على أن الرسول قد أسلم وجهه لله؛ لأن الله خاطبه بوساطة الوحي، والوحي يباشره صلى الله عليه وسلم، ولكن حين يقول: { وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ } [آل عمران: 20] فقد قام الدليل لمن اتبعني، وإن لم يكن مخاطباً من الله مباشرة.
إذن فلا مجال لأن يقول قائل للرسول صلى الله عليه وسلم: أنت أسلمت وجهك لله لأنه خاطبك وحدك، وكأن صاحب هذا القول يريد خطاباً لكل مؤمن، قال سبحانه: { وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ } [آل عمران: 20] فمن اتبع الرسول فقد آمن بأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو رسول صدق مبلغ عن الله منهج حق، فلا مجال لطلب البلاغ لكل فرد؛ لأن البلاغ قد وصل إليهم بالإيمان بما أنزله الله على رسوله الكريم ويأمر الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم { وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ } [آل عمران: 20].
وساعة تقرأ أو تسمع أسلوباً فيه "همزة الاستفهام" فلك أن تعرف أن الاستفهام يُطلب منه أن تُعرف الحقيقة، كقول إنسان لآخر: أعندك محمد؟ أو أزارك فلان؟ إن هذا استفهام المراد به فهم الحقيقة، ومرة يريد الاستفهام مجرد الأمر بشيء، كأن يأتيك ضيف وتجلس معه ويدخل عليك والدك فيقول لك: أصنعت قهوة لضيفك؟ إن ذلك توجيه لك إن كنت لم تقم بواجب الضيافة فعليك أن تسرع في القيام بهذا الواجب. وعلى ذلك نفهم قول الحق: "أأسلمتم" ولذلك نقرأ قول الحق سبحانه بعد الكلام عن الخمر:
{ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ فِي ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ } [المائدة: 91].
إن قول الحق: "فهل أنتم منتهون" يتضمن استفهاماً، والاستفهام هنا يعني الأمر بالانتهاء. وفي مجال الآية التي نتعرض لها بالخواطر نجد قول الحق: "أأسلمتم" تعني الدعوة للإسلام، أي "أسلموا" وجاء بعد ذلك قول الحق الكريم: { فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ } [آل عمران: 20] ومعنى "اهتدوا" أنهم عرفوا الطريق الموصل للغاية التي خلق الله من أجلها الإنسان. وهنا يجب أن نعلم أن كلمة "الإسلام" هنا جاءت لتدل على الخضوع, والخضوع لا يلمح إلا من خاضع، وعملية الخضوع تعرف بالحركة والسلوك، ولا تعرف فقط بالاعتقاد، ولذلك فالإمام عليّ كرم الله وجهه الذي أوتي شيئاً من نفح النبوة في الأداء الإيماني بالأسلوب البياني الجميل قال الإمام عليّ لإخوانه: سأنسب الإسلام نسباً لم ينسبه قبلى أحد: الإسلام هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار, والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل، والمؤمن يُعرف إيمانه بالعمل. ونحن في حياتنا العادية نسأل: ما نسب فلان؟
أي أننا نسأل "هو ابن مَن"؟ ومعنى كلمة "نسابة" عند العرب هو الرجل الذي يعرف سلسلة النسب، ومَن ابن مَن، ففلان ابن فلان ابن فلان، ابن فلان. والإمام عليّ كرم الله وجهه، حين ينسب الإسلام ينسبه بالفعل إلى نسب لم ينسبه قبله أحد. وحين ينتهي الإمام عليّ كرم الله وجهه إلى أن نسب الإسلام إلى العمل قال:
المؤمن يعرف إيمانه بالعمل، فالدليل الصحيح على إيمان المؤمن هو عمله ويضيف الإمام عليّ كرم الله وجهه: والكافر يُعرف كفره بالإنكار، وإن المؤمن قد أخذ دينه من ربه، ولم يأخذه برأيه. والسيئة في الإسلام خير من الحسنة في غيره؛ لأن السيئة في الإسلام تُغفر، والحسنة في غيره لا تُقبل؛ لأن الكفر يصاحبها بالله, هل هناك نسب للإسلام أروع من هذا؟ وهكذا نجد القول الكريم: { فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ } [آل عمران: 20]. والمقابل للإسلام يأتي بعد ذلك: { وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ } [آل عمران: 20] إن المقابل هو "تولوا" أي لم يسلموا، إنه الحق ينبه رسوله ألا يحزن, وألا يأسف إن تولوا, كما جاء في قوله الكريم:
{ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً } [الكهف: 6].
لماذا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عليه البلاغ فقط، وما دام قد جاء في صدر الآية: { أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ } [آل عمران: 20] فإن البلاغ أيضاً يشمل النبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه، ولذلك تأتي آية أخرى لتشرح هذه القضية الإيمانية، ولتبقى الرسالة في أمته صلى الله عليه وسلم، ولتخبرنا أيضاً لماذا لم يعد هناك داع لوجود أنبياء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذلك أن المؤمنين برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمناء على أن يعدلوا فساد السلوك في الكون، فلم يعد العالم في حاجة إلى أنبياء جدد، ولهذا السبب قال الرسول: صلى الله عليه وسلم:
"العلماء ورثة الأنبياء" .
إذن "فعليك البلاغ" نأخذ منها الفهم الواضح أن البلاغ لا تنتهي مهمته عند الرسول صلى الله عليه وسلم، إنما يشمل كل عالم بالبلاغ الذي وصل إلى رسول الله وآمن به، فقد كان لهم في رسول الله أسوة حسنة، ويوضح الحق ذلك في آية أخرى: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } [آل عمران: 110].
ويقول الحق في آية أخرى:
{ وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ } [الحج: 78].
ومعنى ذلك أنكم تشهدون على الناس أنكم أبلغتموهم رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن لم يقم بإبلاغ الناس برسالة رسول الله فهو لم يأخذ ميراث النبوة، وميراث النبوة كما يكون شرف تبليغٍ، فهو أيضاً تجلّد وتحمل، إن ميراث النبوة يكون مرة هو نيل شرف التبليغ لرسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومرة أخرى يكون ميراث النبوة هو جلادة التحمل، في سبيل أداء الرسالة، وجلادة التحمل هي التي يجب أن يتصف بها أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، فكما ورثناه نحن المسلمين في شرف النبوة فإننا نرثه في جلادة التحمل، وهذا هو معنى القول الحق:
{ لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ } [الحج: 78].
فما معنى الأسوة إذن؟ إن الأسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم تقتضي أنه ما دام قد تحمل بجلادة بلاغ الناس في رسالته، فعلينا أيضاً أن نقتدي به. لقد ناضل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى أتباع رسول الله أن يناضلوا في سبيل نشر الدعوة، فإن رأيت أهل الدين في استرخاء وترهل وعدم قدرة على النضال في سبيل البلاغ عن الله فلتعلم أن هؤلاء القوم لن يأخذوا ميراث النبوة. ولذلك إذا رأيت عالماً من علماء الإسلام ليس له أعداء فأعلم أنه قد نقص ميراثه من ميراث الأنبياء.
لماذا؟ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له أعداء وكان يواجههم، فساعة أن ترى رجل دين له أعداء فاعرف أنه قد أخذ حظه من ميراث الأنبياء ولننظر الآن إلى قول الحق سبحانه تذييلاً للآية يوضح لنا ما الإسلام: { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } [آل عمران: 20] لم يقل الله: إنه عليم بالعباد، لأن "عليم" تكون للأمور العقدية، لقد قال الحق في وصف ذاته هنا: "إنه بصير بالعباد"، والبصر لا يأتي إلا ليدرك حركة وسلوكاً. فماذا يرى الله من العباد؟ إنه - سبحانه - يرى العباد المتحركين في الكون، وهل حركة العبد منهم تطابق الإسلام أم لا؟ ومتابعة الحركة تحتاج إلى البصر، ولا تحتاج إلى العلم، وكأن الحق سبحانه وتعالى يقول: إن كنتم تعتقدون أني لا أراكم، فالخلل في إيمانكم، وإن كنتم تعتقدون أني أراكم فلم جعلتموني أهون الناظرين إليكم؟
إذن فقول الحق: { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } [آل عمران: 20] نفهم منها أن الإسلام سلوك لا اعتقاد فقط، لأن الذي يُرى هو الفعل لا المعتقدات الداخلية. وما دام الله بصيراً بكل سكنات الإنسان وحركاته، فإن الإنسان يستحي أن يراه ربه على غير ما يحب، وأضرب هذا المثل للتقريب لا للتشبيه فالحق سبحانه له المثل الأعلى وليس كمثله شيء، نحن في حياتنا العادية نجد أن الشاب الذي يدخن يستحي أن يظهر أمام كبار عائلته كمدخن، فيمتنع عن التدخين أثناء تواجده مع الكبار، فما بالنا بالعبد وهو يعتقد أن الله يراه؟ وبعد ذلك يقول الحق:
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ ... }.