التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ
٢١
-الأنفال

خواطر محمد متولي الشعراوي

ففي هذه الآية الكريمة ينهانا الحق جل وعلا أن نكون مثل من قالوا: "سمعنا" وحكم الله بأنهم لا يسمعون، وهؤلاء هم من أخذوا السمع بقانون الأحداث الجارية على ظواهر الحركة فسمعوا ولم يلتفتوا؛ لأن المراد بالسماع ليس أن تسمع فقط، بل أن تؤدي مطلوب ما سمعت، فإن لم تؤد مطلوب ما سمعت، فكأنك لم تسمع. بل تكون شرّاً ممن لم يسمع؛ لأن الذي لم يسمع لم تبلغه دعوة، أمَّا أنت فسمعت فبلغتك الدعوة ولكنك لم تستجب ولم تنفذ مطلوبها.
إذن قول الله تعالى:
{ سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } [الأنفال: 21].
يفسر لنا أن هذا السماع منهم كان مجرد انتقال الصوت من المتكلم إلى أذن السامع بالذبذبة التي تحدث، ولم يأخذوا ما سمعوه مأخذاً جاداً ليكون له الأثر العميق في حياتهم. فإذا لم يتأثروا بالمنهج، فكأنهم لم يسمعوا، وياليتهم لم يسمعوا؛ لأنهم صاروا شرّا ممن لم يسمع.
{ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } [الأنفال: 21].
أو أن السمع يراد ويقصد به القبول، مثلما نقول: اللهم اسمع دعاء فلان، وأنت تعلم أن الله سميع الدعاء وإن لم تقل أنت ذلك، لكنك تقول: اللهم اسمع دعاء فلان بمعنى "اللهم اقبله"، فيكون المراد بالسمع القبول.
ويقول الحق تبارك وتعالى بعد ذلك:
{ إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ... }.