التفاسير

< >
عرض

مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ
١١٣
-التوبة

خواطر محمد متولي الشعراوي

قبل أن يحظر الحق سبحانه على المؤمنين الاستغفار لآبائهم المنافقين، بدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ }، وإذا كان النبي ينهى، فالمؤمنون من باب أوْلى ليس لهم الحق في ذلك؛ لأن الله لو أراد أن يكرم أحداً من الآباء لأجل أحد، لأكرم أباء النبي إن كانوا غير مؤمنين.
وكلمة { مَا كَانَ } تختلف عن كلمة "ما ينبغي" فساعة تسمع "ما ينبغي لك أن تفعل ذلك" فهذا يعني أن لك قدرة على أن تفعل، لكن لا يصح أن تفعل، ولكن حين يقال: "ما كان لك أن تفعل"، أي: أنك غير مؤهل لفعل هذا مطلقاً.
ومثال ذلك أن يقال لفقير جدّاً: "ما كان لك أن تشتري فيديو"؛ لأنه بحكم فقره غير مؤهل لشراء مثل هذا الجهاز، لكن حين يقال لآخر: "ما ينبغي لك أن تشتري فيديو" أي: عنده القدرة على الشراء، لكن القائل له يرى سبباً غير الفقر هو الذي يجب أن يمنع الشراء. إذن: فهناك فَرْق بين نفي الإمكان، ونفي الانبغاء.
وهنا يقول الحق سبحانه: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ }
أي: ما كان للنبي ولا المؤمنين أن يستغفروا للذين ماتوا على الشرك والكفر، ولو كانوا أولي قربى. فهذا أمر لا يصح.
وحتى لا يحتج أحد من المؤمنين بأن سيدنا إبراهيم عليه السلام قد استغفر لأبيه جاء الحق بالقول الكريم:
{ وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ ... }.