التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ
١٢٥
-التوبة

خواطر محمد متولي الشعراوي

والرجس: هو الشيء المستقذر، وتكون القذارة حسية، ومرة تكون معنوية. فالميتة مثلاً قذارتها حسية؛ لأنها ماتت ودمها فيها، والدم - كما نعلم - له مجريان؛ مجرى للدم قبل أن يكرر، ومجرى آخر للدم بعد أن يكرر، والدم قبل أن يكرر يمر على الرئة والكلى فتنقيه الرئة والكلى من الأشياء الضارة التي تصل إليه نتيجة تفاعلات أعضاء الجسم المختلفة. وبعد أن تتم تنقيته عن طريق الرئتين والكلى يصير دماً صالحاً.
فإذا مات الحيوان بقي فيه دمه الصالح ودمه الفاسد؛ لذلك نحن نذبح الحيوان قبل أن نأكله، ونضحي بدمه الصالح مع الفاسد؛ حتى لا يصيبنا الدم الفاسد بالأمراض؛ ولذلك تعتبر الميتة رجساً. والخمر أيضاً نجاسة حسية ورجس. وهناك رجس معنوي، ولذلك قال الحق:
{ { إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلأَنصَابُ وَٱلأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ فَٱجْتَنِبُوهُ ... } [المائدة: 90].
إذن: فهناك رجس حسي، ورجس معنوي، ويطلق الرجس على الكفر أيضاً، ومرة يطلق الرجس على همسات الشيطان ووسوسته.
وفي ذلك يقول الحق:
{ { إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ ... } [الأنفال: 11].
وهنا يقول الحق: { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ } ولأنهم يكفرون بالله وبآياته؛ فهذا يزيدهم رجساً على رجسهم ويصبح كفرهم مركَّباً، وهكذا نجد البشارة للمؤمنين، أما الكافرون فلهم النذارة؛ لأن كفرهم يزيد، ويموتون على ذلك الكفر.
ويقول سبحانه بعد ذلك:
{ أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي ... }.