التفاسير

< >
عرض

لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ
١٨١
ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ
١٨٢
-آل عمران

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

{ لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ }: لأبي بكر حين بلغهم أمر الرسول بأن يقرضوا الله قرضاً حسناً: { إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ }: فيقرض متاعه - قاله فِنْحَاصُ بن عازوراء وقَوْمُه، { سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ }: في صحائف الكتبة، أو مجاز عن عدم النسيان، { وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ }: عندهم، فإن رضاهم بفعل آباءهم كفعلهم كما مرَّ، { وَنَقُولُ }: لهم، { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ }: المحروق مُبالغة كما مرَّ في لأليم، والذَّوق: إدراكُ الطُّعوم، وأُطْلق اتساعاً على إدراك سائر المحسوسات والحالات، { ذٰلِكَ }: العذاب، { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ }: مجاز عن الأنفس، لأن أكثر أعمالها بهن، { وَأَنَّ }: بأن، { ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ }: بكثيره لقوله، { لِّلْعَبِيدِ }: توزيعاً، فالمبالغة في الكم، ولذا قال: عالم الغيب، وعلام الغيوب، ومحلقين رؤوسكم أو لأن أدنى ظلم من العظيم، فالمبالغة في الكيف، أو لأن صفاته تعالى في الرتبة العليا، ودل بالعطف على أن سببيته مقيدة بانضمامه إليه، إذ لولاه لأمكن أن يُعذبهم بلا ذنب، لا أنْ لا يعذبهم بذنوبهم، إذ ترك عذاب المسيء ليس بظلم شرعاً ولا عقلاً، حتى ينتهض سبباً للتعذيب، وليس في القرآن نص على أن الإحسان مع المسيئ في القيامة من الله ظلم كما قاله بعض، وكون العدل يقتضي إثابة المحسن، ومعاقبة المسيء لا يستلزمه لأن الإحسان مع المسيئ تفضل، وهو فوق العدل، وأنه أفاد أن التخصيص بالذكر لا يدل على نفي ما عداه.