التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلْقِتَالُ رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ ٱلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ
٢٠
طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ ٱلأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ
٢١
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَتُقَطِّعُوۤاْ أَرْحَامَكُمْ
٢٢
أَوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ
٢٣
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ
٢٤
إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى ٱلشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ
٢٥
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ ٱلأَمْرِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ
٢٦
فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ
٢٧
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُواْ مَآ أَسْخَطَ ٱللَّهَ وَكَرِهُواْ رِضْوَٰنَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ
٢٨
أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ ٱللَّهُ أَضْغَانَهُمْ
٢٩
وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ
٣٠
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ
٣١
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ
٣٢
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوۤاْ أَعْمَالَكُمْ
٣٣
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ مَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ
٣٤
فَلاَ تَهِنُواْ وَتَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلسَّلْمِ وَأَنتُمُ ٱلأَعْلَوْنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
٣٥
إِنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَٰلَكُمْ
٣٦
إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ
٣٧
هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم
٣٨
-محمد

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

{ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْلاَ }: هلا { نُزِّلَتْ سُورَةٌ }: في أمرنا بالجهاد { فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ }: غير متشابهة { وَذُكِرَ فِيهَا ٱلْقِتَالُ }: أمر به { رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ }: المنافقين { يَنظُرُونَ إِلَيْكَ }: من رعبهم { نَظَرَ ٱلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ }: سكرات { ٱلْمَوْتِ }: خوفا من القتال { فَأَوْلَىٰ لَهُمْ * طَاعَةٌ }: لله { وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ }: حسن بإجابة الأمر { فَإِذَا عَزَمَ }: فرض القتال، { ٱلأَمْرُ }: ذوو الأمر في الإيمان { فَلَوْ صَدَقُواْ ٱللَّهَ }: في الإيمان { لَكَانَ }: الصدق { خَيْراً لَّهُمْ * فَهَلْ }: للتقرير { عَسَيْتُمْ }: يتوقع منكم { إِن تَوَلَّيْتُمْ }: عن الدين { أَن تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَتُقَطِّعُوۤاْ أَرْحَامَكُمْ }: فترجعوا إلى أمر الجاهلية، أي: أنتم أحقاء به لضعف دينكم { أَوْلَـٰئِكَ }: المفسدون { ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ }: عن الحق { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ }: فيتعظوا { أَمْ }: بل { عَلَىٰ قُلُوبٍ }: لهم نكرها تحقيرا { أَقْفَالُهَآ }: فلا يدركونه { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ }: رجعوا إلى كفرهم كالمنافقين { مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى }: بالمعجزات { ٱلشَّيْطَانُ سَوَّلَ }: سهله { لَهُمْ وَأَمْلَىٰ }: أَمَدّ في الآمال، ومجهولاً مفعوله { لَهُمْ * ذَلِكَ }: الضلال { بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ }: هم الكفار الخلص { سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ ٱلأَمْرِ }: أي: أموركم، وهو كسر الإسلام { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ }: فأفشاها { فَكَيْفَ }: يحتالون { إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ }: بمقامع كما مر { ذَلِكَ }: التوفي { بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُواْ مَآ أَسْخَطَ ٱللَّهَ }: من الكفر { وَكَرِهُواْ رِضْوَٰنَهُ }: ما يرضيه { فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ * أَمْ }: بل { أَ }: { حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ }: نفاق { أَن لَّن يُخْرِجَ }: يظهر { ٱللَّهُ أَضْغَانَهُمْ }: أحقادهم معكم { وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ }: بأشخاصهم بدلائل { فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ }: علامتهم، كرر لام الجواب تأكيدا { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ }: إمالة { ٱلْقَوْلِ }: منهم إلى التعريض بتهجين المسلمين ونحوه { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ * وَ }: الله { لَنَبْلُوَنَّكُمْ }: لنختبركم بالتكاليف { حَتَّىٰ نَعْلَمَ }: علم ظهور { ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ }: على ما أمروا به { وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ }: ما نخبر به عن أعمالكم { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ }: الناس { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ }: كقريظة والنضير { وَشَآقُّواْ }: خاصموا { ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً }: من المضرة { وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ }: الحسنة بذلك { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوۤاْ أَعْمَالَكُمْ }: كهؤلاء { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ مَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ }: كأصحاب القليب { فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ }: أفهم جواز مغفرة جميع ذنوب من لم يمت كافرا { فَلاَ تَهِنُواْ }: تضعفوا { وَ }: لا { تَدْعُوۤاْ }: الكفار { إِلَى ٱلسَّلْمِ }: الصلح تذللا إذا لقيتموهم { وَأَنتُمُ ٱلأَعْلَوْنَ }: الأغلبون { وَٱللَّهُ مَعَكُمْ }: بالنصر { وَلَن يَتِرَكُمْ }: بفردَكم أو يسلبكم { أَعْمَالَكُمْ }: أي: عنها بتضييعها { إِنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ }: لاثبات لها { وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ }: المعاصي { يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلْكُمْ }: الله { أَمْوَٰلَكُمْ }: كلها، بل قدر الزكاة { إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ }: فيجهدكم بطلب الكل { تَبْخَلُواْ }: فلا تعطوا { وَيُخْرِجْ }: البخل { أَضْغَانَكُمْ }: عداوتكم للنبي عليه الصلاة والسلام { هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ }: الموصوفون { تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ }: طرق البر { فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ }: ضرره عليه { وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ }: إليه فما أمركم به فلا حتياكم إليه { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ }: عن طاعته { يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ }: في الحديث: إنَّهم الفُرس { ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم }: في التوالي، بل يطيعون الله سبحانه وتعالى في كل ما أمرهم به، والله تعالى أعلم.