التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ خَٰلِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَٱعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ
١٠٢
لاَّ تُدْرِكُهُ ٱلأَبْصَٰرُ وَهُوَ يُدْرِكُ ٱلأَبْصَٰرَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ
١٠٣
قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ
١٠٤
وَكَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
١٠٥
ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ
١٠٦
وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ
١٠٧
وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٠٨
وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَٰنِهِمْ لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ
١٠٩
وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَٰرَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
١١٠
-الأنعام

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

{ ذٰلِكُمُ }: الموصوف، { ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ خَٰلِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَٱعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }: مُتوليه فكلوا الأمر إليه، { لاَّ تُدْرِكُهُ ٱلأَبْصَٰرُ }: في الدنيا؛ لأن فيها لا يرى إلا ما في جهة والله خالقها، لكن إذا تجلى بوجهه يُمْكنُ رؤيته تدركه الأبصار كما صح في الأخبار، والتغير للرائي لا للجبَّار، والنفي لا يعم الأوقات ولا الأشخاص، لأنه سالبة جزئية كقولنا: ليس كل بصر يدركه، فيمكن تخصيصه على أن النفي لا يوجب الأمتناع، فزعم المعتزلة في غاية الاندفاع، { وَهُوَ يُدْرِكُ ٱلأَبْصَٰرَ }: لأنه خالقها وتخصيصها للمقام، { وَهُوَ ٱللَّطِيفُ }: فلا تدركه الأبصار { ٱلْخَبِيرُ }: فيدركها، { قَدْ جَآءَكُمْ }: آياتُ القُرآن هي { بَصَآئِرُ }: البصيرة للقلب كالبصر للعَيْن { مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ }: وآمن بها، { فَلِنَفْسِهِ }: نفعه { وَمَنْ عَمِيَ }: عنها { فَعَلَيْهَا }: ضرها، { وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ }: إن أنا إلا رسول { وَكَذٰلِكَ }: التبين، { نُصَرِّفُ }: نُبيِّن ونكرِّرُ { ٱلآيَاتِ وَ }: نُصرِّفُها { لِيَقُولُواْ } المشركون واللام للعاقبة { دَرَسْتَ }: تعلمت من اليهود أو العجم، { وَلِنُبَيِّنَهُ }: القرآن، { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }: مضمونه: { { يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً } [البقرة: 26]، { ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ }: بالعمل به، { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ }: فيجب اتباع أمره، { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ }: قيل نسخت بالسيف، { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكُواْ }: لكن له حكمةٌ في إضلالهم، { وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }: تحْفظُ أعمالهم { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ }: تقوم بأمرهم { وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ }: يعبدون { مِن دُونِ ٱللَّهِ }: أصنامهم، وهذا من الإعراض عنهم، { فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ عَدْواً }: ظُلماً، { بِغَيْرِ عِلْمٍ }: جاهلين، دَلَّ على النَّهي عن طاعة تورث معصية راجحة بخلاف المعصية الموجودة { كَذَلِكَ }: التزيين، { زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ }: كافرة، { عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }: بالمجازاة { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ }: أغلظ، { أَيْمَٰنِهِمْ لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ }: كآيات موسى وعيسى، { لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِ }: لا عندي، { وَمَا يُشْعِرُكُمْ }: استفهام انكاري أي: لا يشعرون { أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ }: الآيةُ { لاَ يُؤْمِنُونَ }: والله يعلم ذلك، { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ }: عن الحق لو جئنا بما اقترحوا فلا يفقهونه، { وَأَبْصَٰرَهُمْ }: فلا يبصرونه، { كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ }: بما جئنا به من الآيات كشكشق القمر وغيره، { أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ }: ضلالتهم { يَعْمَهُونَ }: يتحيرون.