{ يا أيها الناس } يعني: قريشاً { قد جاءتكم موعظة من ربكم } القرآن { وشفاءٌ لما
في الصدور } ودواءٌ لداء الجهل { وهدىً } وبيانٌ من الضَّلالة { ورحمةٌ للمؤمنين }
ونعمةٌ من الله سبحانه لأصحاب محمَّدٍ.
{ قل بفضل الله } الإِسلام { وبرحمته } القرآن { فبذلك } الفضل والرَّحمة
{ فليفرحوا هو خيرٌ } أَيْ: ما آتاهم الله من الإِسلام والقرآن خيرٌ ممَّا يجمع غيرهم
من الدُّنيا.
{ قل } لكفَّار مكَّة: { أرأيتم ما أنزل الله } خلقه وأنشأه لكم { من رزق فجعلتم منه
حراماً وحلالاً } يعني: ما حرَّموه ممَّا هو حلالٌ لهم من البحيرة وأمثالها، وأحلُّوه
ممَّا هو حرامٌ من الميتة وأمثالها { قل ءَآلله أذن لكم } في ذلك التَّحريم والتَّحليل
{ أم } بل { على الله تفترون }.
{ وما ظنُّ الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة } أَيْ: ما ظنُّهم ذلك اليوم بالله
وقد افتروا عليه؟ { إنَّ الله لذو فضلٍ على الناس } أهل مكَّة حين جعلهم في أمنٍ
وحرمٍ إلى سائر ما أنعم به عليهم { ولكنَّ أكثرهم لا يشكرون } لا يُوحدِّون
ولا يُطيعون.
{ وما تكون } يا محمَّد { في شأن } أمرٍ من أمورك { وما تتلوا منه } من الله { من
قرآنٍ } أنزله عليك { ولا تعملون من عمل } خاطبه وأمَّته { إلاَّ كُنَّا عليكم شهوداً }
نشاهد ما تعلمون { إذ تفيضون } تأخذون { فيه وما يعزب } يغيب ويبعد { عن
ربك من مثقال ذرة } وزن ذرَّة { إلاَّ في كتاب مبين } يريد: اللَّوح المحفوظ الذي
أثبت الله سبحانه فيه الكائنات.
{ ألا إنَّ أولياء الله } هم الذين تولَّى الله سبحانه هداهم.
{ الذين آمنوا } صدَّقوا النبيَّ { وكانوا يتقون } خافوا مقامهم بين يدي الله سبحانه.
{ لهم البشرى في الحياة الدنيا } عند الموت تأتيهم الملائكة بالبشرى من الله { وفي
الآخرة } يُبشَّرون بثواب الله وجنَّته { لا تبديل لكلمات الله } لا خلف لمواعيده.
{ ولا يحزنك قولهم } تكذيبهم إيَّاك { إنَّ العزة لله } القوَّة لله والقدرة لله { جميعاً }
وهو ناصرك { وهو السميع } يسمع قولهم { العليم } بما في ضميرهم، فيجازيهم
بما يقتضيه حالهم.
{ ألآ إن لله مَنْ في السموات ومَنْ في الأرض } يعني: يفعل بهم وفيهم ما يشاء
{ وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء } أيْ: ليسوا يتَّبعون شركاء على
الحقيقة؛ لأنَّهم يعدُّونها شركاء شفعاء لهم، وليست على ما يظنُّون { إن يتبعون إلاَّ
الظنَّ } ما يتَّبعون إلاَّ ظنَّهم أنَّها تشفع لهم { وإن هم إلا يخرصون } يقولون
ما لا يكون.