{ وما أرسلنا من قبلك إلاَّ رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى } يريد: لم نبعث
قبلك نبيَّاً إلاَّ رجالاً غير امرأةٍ، وكانوا من أهل الأمصار، ولم نبعث نبيَّاً من باديةٍ،
وهذا ردٌّ لإِنكارهم نبوَّته. يريد: إنَّ الرُّسل من قبلك كانوا على مثل حالك، ومَنْ
قبلهم من الأمم كانوا على مثل حالهم، فأهلكناهم، فذلك قوله: { أفلم يسيروا
في الأرض فينظروا } إلى مصارع الأمم المُكذِّبة فيعتبروا بهم { ولدار الآخرة }
يعني: الجنَّة { خير للذين اتقوا } الشِّرك في الدُّنيا { أفلا تعقلون } هذا حتى تُؤمنوا؟!
{ حتى إذا استيأس الرسل } يئسوا من قومهم أن يؤمنوا { وظنوا أنهم قد كذبوا }.
أيقنوا أنَّ قومهم قد كذَّبوهم { جاءهم نصرنا فنجِّي مَنْ نشاء } وهم المؤمنون أتباع
الأنبياء { ولا يردُّ بأسنا } عذابنا.
{ لقد كان في قصصهم } يعني: إخوة يوسف { عبرة } فكرةٌ وتدبُّرٌ { لأولي
الألباب } وذلك أنَّ مَنْ قدر على إعزاز يوسف، وتمليكه مصر بعد ما كان عبداً
لبعض أهلها قادرٌ على أن يعزَّ محمداً عليه السَّلام وينصره { ما كان } القرآن
{ حديثاً يفترى } يتقولَّه بشر { ولكن تصديق الذي بين يديه } [ولكن كان
تصديق] ما قبله من الكتب { وتفصيل كل شيء } يحتاج إليه من أمور الدِّين
{ وهدىً } وبياناً { ورحمةً لقوم يؤمنون } يصدِّقون بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.