التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ٱئْتُونِي بِأَخٍ لَّكُمْ مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّيۤ أُوفِي ٱلْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ ٱلْمُنْزِلِينَ
٥٩
فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ
٦٠
قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ
٦١
وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ ٱجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا ٱنْقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
٦٢
فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
٦٣
قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ
٦٤
وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مَا نَبْغِي هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ
٦٥
قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ
٦٦
وَقَالَ يٰبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ
٦٧
-يوسف

{ ولما جهزهم بجهازهم } يعني: حمل لكلِّ رجلٍ منهم بعيراً { قال ائتوني بأخٍ لكم من أبيكم } يعني: بنيامين، وذلك أنَّه سألهم عن عددهم فأخبروه، وقالوا: خلَّفنا أحدنا عند أبينا، فقال يوسف: فأتوني بأخيكم الذي من أبيكم. { ألا ترون أني أوفي الكيل } أُتمُّه من غير بخسٍ { وأنا خير المنزلين } وذلك لأن حين أنزلهم أحسن ضيافتهم، ثمَّ أوعدهم على ترك الإِتيان بالأخ بقوله:
{ فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون }.
{ قالوا سنراود عنه أباه } نطلب منه ونسأله أن يرسله معنا { وإنا لفاعلون } ما وعدناك من المراودة.
{ وقال } يوسف { لفتيانه } لغلمانه: { اجعلوا بضاعتهم } التي أتوا بها لثمن الميرة، وكانت دارهم { في رحالهم } أوعيتهم { لعلَّهم يعرفونها } عساهم يعرفون أنَّها بضاعتهم بعينها { إذا انقلبوا إلى أهلهم } وفتحوا أوعيتهم { لعلهم يرجعون } عساهم يرجعون إذا عرفوا ذلك؛ لأنَّّهم لا يستحلُّون إمساكها.
{ فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منّا الكيل } حُكم علينا بمنع الكيل بعد هذا إن لم نذهب بأخينا. يعنون قوله: { فلا كيل لكم عندي ولا تقربون }. { فأرسل معنا أخانا نكتل } نأخذ كيلنا.
{ قال هل آمنكم عليه... } الآية، يقول: لا آمنكم على بنيامين إلاَّ كأمني على يوسف، يريد: إنَّه لم ينفعه ذلك الأمن، فإنَّهم خانوه، فهو - وإن أَمِنَهم في هذا - خاف خيانتهم أيضاً، ثمَّ قال: { فالله خير حافظاً }.
{ ولما فتحوا متاعهم } ما حملوه من مصر { وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي } منك شيئاً تردُّنا به وتصرفنا إلى مصر { هذه بضاعتنا ردت إلينا } فنتصرَّف بها { ونميرُ أهلنا } نجلب إليهم الطَّعام { ونزداد كيل بعير } نزيد حِمْل بعيرٍ من الطَّعام، لأنَّه كان يُكال لكلِّ رجلٍ وِقْر بعير { ذلك كيلٌ يسير } متيسِّرٌ على مَنْ يكيل لنا لسخائه.
{ قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقاً من الله } حتى تحلفوا بالله { لَتَأْتُنَّني به إلاَّ أن يحاط بكم } إلا أن تموتوا كلُّكم { فلما آتَوْهُ موثقهم } عهدهم ويمينهم { قال } يعقوب عليه السَّلام: { الله على ما نقول وكيل } شهيد، فلمَّا أرادوا الخروج من عنده قال:
{ يا بني لا تدخلوا } مصر { من باب واحدٍ وادخلوا من أبواب متفرقة } خاف عليهم العين، فأمرهم بالتَّفرقة { وما أغني عنكم من الله من شيء } يعني: إنَّ الحذر لا يُغني ولا ينفع من القدر.