التفاسير

< >
عرض

قُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ لَهُ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً
٢٦
وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً
٢٧
وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً
٢٨
وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً
٢٩
إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً
٣٠
أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ٱلأَرَآئِكِ نِعْمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً
٣١
وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً
٣٢
-الكهف

{ قل } يا محمد: { الله أعلم بما لبثوا } ممَّن يختلف في ذلك { له غيبُ السموات والأرض } علم ما غاب فيهما عن العباد { أبصر به وأسمع } ما أبصرَ الله تعالى بكلِّ موجودٍ، وأسمعَه تعالى لكلِّ مسموعٍ { ما لهم } لأهل السَّموات والأرض { من } دون الله { من ولي } ناصرٍ { ولا يشرك } الله { في حكمه أحداً } فليس لأحدٍ أن يحكم بحكمٍ لم يحكمْ به الله.
{ واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك } اتَّبع القرآن { لا مبدِّل لكلماته } لا مغيِّر للقرآن { ولن تجد من دونه ملتحداً } أَيْ: ملجأ.
{ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي } مفسَّر في سورة الأنعام إلى قوله: { ولا تعدُ عيناك عنهم } أَيْ: لا تصرف بصرك إلى غيرهم من ذوي الهيئات والرُّتبة { تريد زينة الحياة الدنيا } تريد مجالسة الأشراف { ولا تطع } في تنحية الفقراء عنك { من إغفلنا قلبه عن ذكرنا } جعلناه غافلاً. { وكان أمره فرطاً } أَيْ: ضَياعاً هلاكاً؛ لأنَّه ترك الإِيمان والاستدلال بآيات الله تعالى واتَّبع هواه.
{ وقل } يا محمَّد لمن جاءك من النَّاس: { الحق من ربكم } يعني: ما آتيتكم به من الإِسلام والقرآن { فمن شاء فليؤمن ومَنْ شاء فليكفر } تخييرٌ معناه التَّهديد. { إنا أعتدنا } هيَّأنا { للظالمين } الذين عبدوا غير الله تعالى { ناراً أحاط بهم سرادقها } وهو دخان يحيط بالكفَّار يوم القيامة. { وإن يستغيثوا } ممَّا هم فيه من العذاب والعطش { يُغاثوا بماءٍ كالمهل } كمذاب الحديد والرَّصاص في الحرارة { يشوي الوجوه } حتى يسقط لحمها، ثمَّ ذمَّه فقال: { بئس الشراب } هو { وساءت } النَّار { مرتفقاً } منزلاً، ثمَّ ذكر ما وعد المؤمنين فقال:
{ إنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر مَنْ أحسن عملاً... } وقوله:
{ يحلون فيها من أساور من ذهب } يُحلَّى كلُّ مؤمنٍ واحدٍ بسوارين من ذهبٍ، وكانت الأساورة من زينة الملوك في الدُّنيا، وقوله: { ويلبسون ثياباً خضراً من سندسٍ وإستبرق } وهما نوعان من الحرير، والسُّندس: ما رقَّ، والاستبرق: ما غلظ { متكئين فيها على الأرائك } وهي السُّرر في الحجال { نعم الثواب } طاب ثوابهم { وحسنت } الأرائك { مرتفقاً } موضع ارتفاق، أَيْ: اتِّكاءً على المرفق فيه.
{ واضرب لهم مثلاً رجلين } يعني: ابني ملكٍ كان في بني إسرائيل تُوفِّي وتركهما، فاتخذ أحدهما القصور والأجنَّة، والآخر كان زاهداً في الدُّنيا، راغباً في الآخرة، فكان إذا عمل أخوه شيئاً من زينة الدُّنيا، أخذ الزَّاهد مثل ذلك، فقدَّمه لآخرته، واتَّخذ به عند الله الأجنة والقصور حتى نفد ماله، فضربهما الله مثلاً للمؤمن والكافر الذي أبطرته النِّعمة، وهو قوله: { جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل } وجعلنا النَّخل مُطبقاً بهما { وجعلنا بينهما } بين الجنتين { زرعاً }