{ ثمَّ أفيضوا من حيث أفاض الناس } يعني: العرب وعامِّة النَّاس إلاَّ قريشاً، وذلك
أنَّهم كانوا لا يقفون بعرفات وإنَّما يقفون بالمزدلفة ويقولون: نحن أهل حرم الله،
فلا نخرج منه، فأمرهم الله أن يقفوا بعرفاتٍ، كما يقف سائر النَّاس حتى تكون
الإفاضة معهم منها. { فإذا قضيتم مناسككم } أَيْ: فرغتم من عباداتكم التي
أمرتم بها في الحجِّ { فاذكروا الله كذكركم آباءَكم } كانت العرب إذا فرغوا من
حجِّهم ذكروا مفاخر آبائهم، فأمرهم الله عزَّ وجلَّ بذكره { أو أشدَّ ذكراً } يعني:
وأشدَّ ذكراً { فمن الناس... } الآية، وهم المشركون كانوا يسألون المال والإبل
والغنم، ولا يسألون حظَّاً في الآخرة؛ لأَنهم لم يكونوا مؤمنين بها، والمسلون
يسألون الحظَّ في الدُّنيا والآخرة، وهو قوله:
{ ومنهم مَنْ يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة... } الآية. [ومعنى: { في الدنيا
حسنة } : العمل بما يرضي الله، { وفي الآخرة حسنة }: الجنة].
{ أولئك لهم نصيبٌ مما كسبوا } أَيْ: ثوابُ ما عملوا { والله سريعُ الحساب } مع
هؤلاء؛ لأنَّه يغفر سيئاتهم ويضاعف حسناتهم.