{ وما يفعلوا من خيرٍ فلن يكفروه } لن تُجحدوا جزاءه.
{ إنَّ الذين كفروا... } الآية. سبقت في أوَّل هذه السورة.
{ مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا } يعني: نفقة سفلة اليهود على علمائهم
{ كمثل ريح فيها صرٌّ } بردٌ شديدٌ { أصابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم } بالكفر
والمعصية. أعلم الله تعالى أنَّ ضرر نفقتهم عليهم كضرر هذه الرِّيح على هذا
الزَّرع { وما ظلمهم الله } لأنَّ كلَّ ما فعله بخلقه فهو عدلٌ منه { ولكن أنفسهم
يظلمون } بالكفر والعصيان، ثمَّ نهى المؤمنين عن مباطنتهم فقال:
{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة } أَيْ: دخلاً وخواصَّ { من دونكم } من غير
أهل ملَّتكم { لا يألونكم خبالاً } أَيْ: لا يدعون جهدهم في مضرَّتكم وفسادكم
{ ودُّوا ما عنتم } تمنَّوا ضلالكم عن دينكم { قد بدت البغضاء } أَيْ: ظهرت
العداوة { من أفواههم } بالشَّتيمة والوقيعة في المسلمين { وما تخفي صدورهم }
من العداوة والخيانة { أكبر قد بيّنا لكم الآيات } أَيْ: علامات اليهود في عداوتهم.
{ إن كنتم تعقلون } موقع نفع البيان.
{ ها أنتم } "ها" تنبيهٌ دخل على "أنتم" { أولاء } بمعنى: الذين. كأنَّه قيل: الذين
{ تحبُّونهم ولا يحبُّونكم } أَيْ: تريدون لهم الإِسلام، وهم يريدونكم على الكفر
{ وتؤمنون بالكتاب كلِّه } أَيْ: بالكتب، وهو اسم جنس { وإذا خلوا عضُّوا عليكم
الأنامل } أَيْ: أطراف الأصابع { من الغيظ } التَّقدير: عضُّوا الأنامل من الغيظ
عليكم، وذلك لما يرون من ائتلاف المؤمنين واجتماع كلمتهم { قل موتوا
بغيظكم } أمر الله تعالى نبيَّه أن يدعو عليهم بدوام غيظهم إلى أن يموتوا { إنَّ الله
عليمٌ بذات الصدور } بما فيها من خيرٍ وشرٍّ.
{ إن تمسسكم حسنةٌ } نصرٌ وغنيمةٌ { تسؤهم } تحزنهم { وإنْ تصبكم سيئة } ضد
ذلك، وهو كسرٌ وهزيمةٌ { يفرحوا بها وإن تصبروا } على ما تسمعون من آذاهم
{ وتتقوا } مقاربتهم ومخالطتهم { لا يضرُّكم كيدهم } عداوتهم { شيئاً إنَّ الله بما
يعملون محيط } عالمٌ به فلن تعدموا جزاءه.
{ وإذ غدوت } يعني: يوم أُحدٍ { من أهلك } من منزل عائشة رضي الله عنها
{ تبوِّىء } تُهيِّىءُ للمؤمنين { مقاعد } مراكز ومثابت { للقتال والله سميع } لقولكم
{ عليم } بما في قلوبكم.