التفاسير

< >
عرض

فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ
٢٠
إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٢١
أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ
٢٢
أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ
٢٣
ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
٢٤
-آل عمران

{ فإن حاجوك } أَيْ: جادلوك { فقل أسلمتُ وجهي لله } أَيْ: أخلصت عملي لله وانقدت له { ومن اتبعني } يعني: المهاجرين والأنصار { وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين } يعني: العرب { أأسلمتم } استفهامٌ معناه الأمر: أَيْ: أسلموا، وقوله: { عليك البلاغ } أَي: التَّبليغ وليس عليك هداهم { والله بصيرٌ بالعباد } أيْ: بمَنْ آمن بك وصدَّقك، ومَنْ كفر بك وكذَّبك، وكان هذا قبل أنْ أُمر بالقتال.
{ إنَّ الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق } قد مضى تفسيره في سورة البقرة، وقوله { ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"قتلت بنو إسرائيل ثلاثةً وأربعين نبياً من أوَّل النَّهار في ساعةٍ واحدةٍ، فقام مائةٌ واثنا عشر رجلاً من عبَّاد بني إسرائيل، فأمروا مَنْ قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر، فَقُتلوا جميعاً من آخر النَّهار في ذلك اليوم، فهم الذين ذكرهم الله في هذه الآية" .وهؤلاء الذين كانوا في عصر النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانوا يتولَّونهم، فهم داخلون في جملتهم.
{ أولئك الذين حبطت أعمالهم } بطلت أعمالهم التي يدَّعونها من التَّمسُّك بالتَّوراة، وإقامة شرع موسى عليه السَّلام { في الدنيا } لأنَّها لم تحقن دماءَهم وأموالهم { و } في { الآخرة } لأنَّهم لم يستحقوا بها ثواباً.
{ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب } يعني: اليهود { يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم } وذلك أنَّهم أنكروا آية الرَّجم من التَّوراة،
"وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حدِّ المحصنين إذا زنيا، فحكم بالرَّجم فقالوا: جُرْتَ يا محمد، فقال: بيني وبينكم التَّوراة، ثمَّ أتوا بابن صوريا الأعور فقرأ التَّوراة، فلمَّا أتى على آية الرَّجم سترها بكفِّه، فقام ابن سلاَّم فرفع كفَه عنها، وقرأها على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اليهود، فغضبت اليهود لذلك غضباً شديداً وانصرفوا" ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. { ثمَّ يتولى فريق منهم } يعني: العلماء والرؤساء { وهم معرضون }.
{ ذلك } أَْيْ: ذلك الإِعراض عن حكمك بسبب اغترارهم حيث قالوا: { لن تمسنا النار إلاَّ أياماً معدودات وغرَّهم في دينهم ما كانوا يفترون } افتراؤهم، وهو قوله: { لن تمسنا النار } وقد مضى هذا في سورة البقرة.