التفاسير

< >
عرض

وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ
٣
وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً
٤
وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَٰماً وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً
٥
وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً
٦
لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً
٧
وَإِذَا حَضَرَ ٱلْقِسْمَةَ أُوْلُواْ ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينُ فَٱرْزُقُوهُمْ مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً
٨
-النساء

{ وإن خفتم ألا تُقسطوا } : ألا تعدلوا { في اليتامى } [أي: في نكاح اليتامى] وهمَّكم ذلك { فانكحوا ما طاب } أَي: الطَّيِّب { لكم من النساء } يعني: من اللاتي تحلُّ دون المحرَّمات، والمعنى: أنَّ الله سبحانه قال لنا: فكما تخافون ألا تعدلوا بين اليتامى إذا كفلتموهم، فخافوا أيضاً ألا تعدلوا بين النِّساء إذا نكحتموهنَّ، فانكحوا من النِّساء { مثنى } أَي: اثنتين اثنتين { وثلاث } ثلاثاً ثلاثاً { ورباع } أربعاً أربعاً { فإن خفتم ألا تعدلوا } أَيْ: في الأربع { فواحدة } أَيْ: فلينكح كلُّ واحدٍ منكم واحدةً و { ذٰلك } أنَّ نكاح هؤلاء النِّسوة على قلَّة عددهنَّ { أدنى } أَيْ: أقربُ إلى العدل، وهو قوله: { ألا تعولوا } أَيْ: تميلوا وتجوروا.
{ وآتوا النساء } أَيُّها الأزواج { صدقاتهنَّ } مهورهنَّ { نحلة } فريضةً وتديُّناً { فإنْ طبن لكم } أَيْ: إنْ طابت لكم أنفسهنَّ { عن شيء } من الصَّداق { فكلوه هنيئاً } في الدُّنيا لا يقضي به عليكم سلطانٌ { مريئاً } في الآخرة لا يؤاخذكم الله به.
{ ولا تؤتوا السفهاء } أَي: النِّساء والصِّبيان { أموالكم التي جعل الله لكم قياماً } لمعايشكم وصلاح دنياكم. يقول: لا تعمدْ إلى مالك الذي خوَّلك الله، وجعله لك معيشةً فتعطيه امرأتك وبنيك، فيكونوا هم الذين يقومون عليك، ثمَّ تنظر إلى ما في أيديهم، ولكن أمسك مالك وأصلحه، وكن أنت الذي تنفق عليهم في كسوتهم ورزقهم، وهو قوله: { وارزقوهم فيها } [أي: اجعلوا لهم فيها رزقاً]، { واكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفاً } أَيْ: عدةً جميلةً من البرِّ والصِّلة.
{ وابتلوا اليتامى } أَيْ: اختبروهم في عقولهم وأديانهم { حتى إذا بلغوا النكاح } أَيْ: حال النِّكاح من الاحتلام { فإن آنستم } أبصرتم { منهم رشداً } صلاحاً للعقل وحفظاً للمال. { ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا } أَيْ: لا تبادروا بأكل مالهم كبرَهم ورشدهم حذر أن يبلغوا، فيلزمكم تسليم المال إليهم { ومن كان غنيّاً } من الأوصياء { فليستعفف } عن مال اليتيم ولا يأكل منه شيئاً { ومَنْ كان فقيراً فليأكل بالمعروف } يقدِّر أجرة عمله { فإذا دفعتم } أَيُّها الأولياء { إليهم } إلى اليتامى { أموالهم فأشهدوا عليهم } لكي إنْ وقع اختلافٌ أمكن الوليِّ أن يقيم البيِّنة على ردِّ المال إليه { وكفى بالله حسيباً } محاسباً ومجازياً للمحسن والمسيء.
{ للرجال نصيب... } الآية. كانت العرب في الجاهليَّة لا تورث النِّساء ولا الصِّغار شيئاً، فأبطل الله ذلك، وأعلم أنَّ حقَّ الميراث على ما ذكر في هذه الآية من الفرض.
{ وإذا حضر القسمة } أَيْ: قسمة المال بين الورثة { أولوا القربى } أَي: الذين يُحجبون ولا يرثون { واليتامى والمساكين فارزقوهم منه } وهذا على النَّدب والاستحباب. يستحبُّ للوارث أن يرضخ لهؤلاء إذا حضروا القسمة من الذَّهب والفضَّة، وأن يقولوا لهم قولاً معروفاً إذا كان الميراث ممَّا لا يمكن أن يرضخ منه كالأرضين والرَّقيق.