{ وقالوا ما في بطون هذه الأنعام } يعني: أجِنَّة ما حرَّموها من البحائر والسَّوائب
{ خالصةٌ لذكورنا } حلالٌ للرِّجال خاصَّة دون النِّساء. هذا إذا خرجت الأجنَّة
أحياء، وإن كان ميتةً اشترك فيها الرِّجال والنِّساء { سيجزيهم وصفهم } سيجزيهم
الله جزاء وصفهم الذي هو كذبٌ، أَيْ: سيعذِّبهم الله بما وصفوه من التَّحليل
والتَّحريم الذي كلُّه كذبٌ { إنه حكيم عليم } أَيْ: هو أعلم وأحكم من أن يفعل
ما يقولون.
{ قد خسر الذين قتلوا أولادهم } بالوأد { سفهاً } للسَّفه { وحرَّموا ما رزقهم الله }
من الأنعام. يعني: البحيرة وما ذُكر معها.
{ وهو الذي أنشأ } أبدع وخلق { جنات معروشات } يعني: الكرم { وغير
معروشات } ما قام على ساق ولم يُعرش له، كالنَّخل والشَّجر { والنخل والزرع
مختلفاً أكله } أُكُلُ كلِّ واحدٍ منهما، وكلِّ نوعٍ من الثَّمر له طعمٌ غير طعم النَّوع
الآخر، وكلُّ حبٍّ من حبوب الزَِّرع له طعمٌ غير طعم الآخر { كلوا من ثمره إذا
أثمر } أمر إباحة { وآتوا حقه يوم حصاده } يعني: العشر ونصف العشر { ولا
تسرفوا } فتعطوا كلَّه حتى لا يبقى لعيالكم شيء { إنه لا يحب المسرفين } يعني:
المجاوزين أمر الله.
{ ومن الأنعام } وأنشأ من الأنعام { حمولة } وهي كلُّ ما حمل عليها ممَّا أطاق
العمل والحمل { وفرشاً } وهو الصِّغار التي لا يحمل عليها، كالغنم، والبقر،
والإِبل الصِّغار { كلوا مما رزقكم الله } أَيْ: أحلَّ لكم ذبحه { ولا تتبعوا خطوات
الشيطان } في تحريم شيءٍ ممَّا أحله الله { إنه لكم عدو مبين } بيِّنُ العداوة أخرج
أباكم من الجنَّة، وقال: لأحتنكنَّ ذريته، ثمَّ فسر الحمولة والفرش فقال:
{ ثمانية أزواج } الذَّكر زوجٌ، والأنثى زوجٌ، وهي الضَّأن والمعز، وقد ذُكرا في
هذه الآية، والإِبل والبقر ذُكرا فيما بعد، وجعلها ثمانيةً؛ لأنَّه أراد الذَّكر والأُنثى
من كلِّ صنفٍ، وهو قوله: { من الضَّأن اثنين ومن المعز اثنين } والضَّأن: ذوات
الصُّوف من المعز، والغنم: ذوات الشَّعر { قل } يا محمَّد للمشركين الذين
يُحرِّمون على أنفسهم ما حرَّموا من النَّعم: { آلذكرين } من الضَّأن والمعز { حرَّم }
الله عليكم { أم الأُنثيين } فإن كان حرَّم من الغنم ذكورها، فكلُّ ذكورها حرام،
وإن كان حرَّم الأنثيين، فكلُّ الإِناث حرام { أمَّا اشتملت عليه أرحام الأُنثيين } وإن
كان حرَّم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين من الضَّأْنِ والمعز، فقد حرَّم الأولاد
كلَّها، وكلُّها أولادٌ فكلُّها حرام { نبئُوني بعلم } أَيْ: فسِّروا ما حرَّمتم بعلمٍ إن كان
لكم علمٌ في تحريمه، وهو قوله: { إن كنتم صادقين }.