{ أم كنتم شهداء إذْ وصاكم الله بهذا } هل شاهدتم الله قد حرَّم هذا إذْ كنتم
لا تؤمنون برسول الله؟! فلمَّا لزمتهم الحجَّة بيَّن الله تعالى أنَّهم فعلوا ذلك كذباً
على الله، فقال: { فمن أظلم ممَّن افتَرى على الله كذباً ليضلَّ الناس بغير
علم... } الآية. يعني: عمرو بن لحي، وهو الذي غيَّر دين إسماعيل، وسنَّ هذا
التَّحريم. ثمَّ ذكر المحرَّمات بوحي الله، فقال:
{ قل لا أجد فيما أوحي إليَّ محرَّماً على طاعم يطعمه إلاَّ أن يكون ميتة أو دماً
مسفوحاً } يعني: سائلاً { أو فسقاً أهلَّ لغير الله به } يعني: ما ذًبح على النُّصب.
{ وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر } يعني: الإِبل، والنَّعامة { ومن البقر
والغنم حرَّمنا عليهم شحومهما إلاَّ ما حملت ظهورهما أو الحوايا } وهي المباعر
{ أو ما اختلط بعظم } فإنِّي لم أحرّمه. يعني: ما تعلَّق من الشَّحم بهذه الأشياء
{ ذلك } التَّحريم { جزيناهم ببغيهم } عاقبناهم بذنوبهم { وإنا لصادقون } في
الإِخبار عن التَّحريم، وعن بغيهم، فلمَّا ذكر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حُرِّم على
المسلمين، وما حرِّم على اليهود قالوا له: ما أصبت، وكذَّبوه، فأنزل الله
تعالى:
{ فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة } ولذلك لا يعجل عليكم بالعقوبة { ولا
يرد بأسه } عذابه إذا جاء الوقت { عن القوم المجرمين } يعني: الذين كذَّبوك بما
تقول.