{ وكذلك نُرِي إبراهيم... } الآية. أَيْ: وكما أرينا إبراهيم استقباح ما كان عليه
أبوه من عبادة الأصنام نريه { ملكوت السموات والأرض } يعني: ملكهما،
كالشَّمس، والقمر، والنُّجوم، والجبال، والشَّجر، والبحار. أراه الله تعالى هذه
الأشياء حتى نظر إليها مُعتبراً مُستدلاًّ بها على خالقها، وقوله: { وليكون من
الموقنين } عطفٌ على المعنى. تقديره: ليستدلَّ بها وليكون من الموقنين.
{ فلما جنَّ } أَيْ: ستر وأظلم { عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي } أَيْ: في
زعمكم أيُّها القائلون بحكم النَّجم، وذلك أنَّهم كانوا أصحاب نجومٍ يرون التَّدبير
في الخليقة لها { فلما أفل } أَيْ: غاب { قال: لا أحبُّ الآفلين } عرَّفهم جهلهم
وخطأهم في تعظيم النُّجوم، ودلَّ على أنَّ مَنْ غاب بعد الظُّهور كان حادثاً
مُسخَّراً، وليس بربٍّ.
{ فلما رأى القمر بازغاً } طالعاً، فاحتجَّ عليهم في القمر والشَّمس بمثل ما احتجَّ به
عليهم في الكوكب، وقوله: { لئن لم يهدني ربي } أَيْ: لئن لم يُثبِّتني على
الهدى. وقوله للشَّمس:
{ هذا ربي } ولم يقل هذه؛ لأنَّ لفظ الشَّمس مذكَّرٌ، ولأنَّ الشَّمس بمعنى
الضياء والنُّور، فحمل الكلام على المعنى { هذا أكبر } أَي: من الكوكب والقمر،
فلمَّا توجَّهت الحجَّة على قومه قال: { إني بريء مما تشركون }.
{ إني وجهت وجهي } أَيْ: جعلت قصدي بعبادتي وتوحيدي لله عزَّ وجلَّ، وباقي
الآية مفسَّر فيما مضى.