{ قل لا أملك لنفسي... } الآية. إنَّ أهل مكة قالوا: يا محمَّد، ألا يخبرك ربُّك
بالسِّعر الرَّخيص، قبل أن يغلو، فنشتري من الرَّخيص لنربح عليه؟ وبالأرض التي
تريد أن تجدب فنرتحل عنها؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية، ومعنى قوله:
{ لا أملك لنفسي نفعاً } أي: اجتلاب نفع بأن أربح، { ولا ضرَّاً } دفع ضرٍّ بأن
أرتحل من الأرض التي تريد أن تجدب { إلاَّ ما شاء الله } أن أملكه بتمليكه { ولو
كنت أعلم الغيب } ما يكون قبل أن يكون { لاستكثرت من الخير } لادَّخرت في
زمانِ الخِصْبِ لزمن الجدب { وما مسني السوء } وما أصابني الضرُّ والفقر { إن أنا
إلاَّ نذير } لمَنْ يصدِّق ما جئت به { وبشير } لمن اتَّبعني وآمن بي.
{ هو الذي خلقكم من نفس واحدة } يعني: آدم { وجعل منها زوجها } حوَّاء
خلقها من ضلعه { ليسكن إليها } ليأنس بها، فيأوي إليها { فلما تغشاها } جامعها
{ حملت حملاً خفيفاً } يعني: النُّطفة والمنيِّ { فمرَّت به } استمرَّت بذلك الحمل
الخفيف، وقامت وقعدت، ولم يُثْقِلها { فلما أثقلت } صار إلى حال الثِّقل ودنت
ولادتها، { دعوا الله ربهما } آدم وحواء { لئن آتيتنا صالحاً } بشراً سويَّاً مثلنا
{ لنكوننَّ من الشاكرين } وذلك أنَّ إبليس أتاها في غير صورته التي عرفته، وقال
لها: ما الذي في بطنك؟ قالت: ما أدري. قال: إنِّي أخاف أن يكون بهيمةً،
أو كلباً أو خنزيراً، وذكرت ذلك لآدم، فلم يزالا في همٍّ من ذلك، ثمَّ أتاها
وقال: إن سألتُ الله أن يجعله خلقاً سويَّاً مثلك أَتُسمِّينه عبد الحارث؟ وكان
إبليس في الملائكة الحارث، ولم يزل بها حتى غرَّها، فلمَّا ولدت ولداً سويَّ
الخلق سمَّته عبد الحارث، فرضي آدم.