{ إنَّ الذين كذبوا بآياتنا } بحججنا التي تدلُّ على توحيد الله، ونبوَّة الأنبياء
{ واستكبروا عنها } ترفَّعوا عن الإِيمان بها والانقياد لأحكامها { لا تفتح لهم أبواب
السماء } لا تصعد أرواحهم، ولا أعمالهم، ولا شيء ممَّا يريدون الله به إلى
السَّماء { ولا يدخلون الجنة حتى يلج } يدخل { الجمل في سم الخياط } ثقب
الإِبرة. يعني: أبدأً { وكذلك } وكما وصفنا { نجزي المجرمين } أَي: المكذِّبين
بآيات الله، ثمَّ أخبر عن إحاطة النَّار بهم من كلِّ جانبٍ، فقال:
{ لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش } يعني: لهم منها غطاءٌ، ووطاءٌ، وفراشٌ
ولحافٌ { وكذلك نجزي الظالمين } يعني: الذين أشركوا بالله.
{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفساً إلاَّ وسعها } أَيْ: إلاَّ ما تطيقه ولا
تعجز عنه، والمعنى: لا نكلِّف نفساً منهم إلاَّ وسعها، ثمَّ أخبر بباقي الآية عن
مآلهم.
{ ونزعنا ما في صدورهم من غل } أذهبنا الأحقاد التي كانت لبعضهم على بعض
في دار الدُّنيا { تجري من تحتهم الأنهار } من تحت منازلهم وقصورهم، فإذا
استقرُّوا في منازلهم { قالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا } أَيْ: هدانا لما صيرَّنا إلى
هذا الثَّواب من العمل الذي أدَّى إليه، وأقرُّوا أنَّ المهتدي مَنْ هدى الله بقوله:
{ وما كنَّا لنهتدي لولا أن هدانا الله } فحين رأوا ما وعدهم الرُّسل عياناً قالوا:
{ لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكُم الجنة } قيل لهم: هذه تلكمُ الجنَّة
التي وُعدتم { أورثتموها } أُورثتم منازل أهل النَّار فيها لو عملوا بطاعة الله { بما
كنتم تعملون } توحِّدون الله وتطيعونه.