{ إن شرَّ الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون }.
{ الذين عاهدت منهم... } الآية. وذلك أنَّهم نقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعانوا
عليه مشركي مكَّة بالسِّلاح، ثمَّ اعتذروا وقالوا: أخطأنا، فعاهدهم ثانيةً فنقضوا
العهد يوم الخندق، وذلك قوله: { ثمَّ ينقضون عهدهم في كلِّ مرَّة وهم لا يتقون }
عقاب الله في ذلك.
{ فإمَّا تثقفنَّهم في الحرب } فإن أدركتهم في القتال وأسرتهم { فشرد بهم مَنْ
خلفهم } فافعل بهم فعلاً من التَّنكيل والعقوبة يفرق به جمعُ كلِّ ناقضِ عهدٍ،
فيعتبروا بما فعلت بهؤلاء، فلا ينقضوا العهد، فذلك قوله تعالى: { لعلهم
يذكرون }.
{ وإمَّا تخافنَّ من قوم } تعلمنَّ من قومٍ { خيانة } نقضاً للعهد بدليلٍ يظهر لك
{ فانبذ إليهم على سواء } أَي: انبذ عهدهم الذي عاهدتهم عليه؛ لتكون أنت وهم
سواءً في العداوة، فلا يتوهموا أنَّك نقضت العهد بنصب الحرب، أَيْ: أعلمهم
أنَّك نقضت عهدهم لئلا يتوهَّموا بك الغدر { إنَّ الله لا يحبُّ الخائنين } الذين
يخونون في العهود وغيرها.