التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُوۤاْ آبَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ إِنِ ٱسْتَحَبُّواْ ٱلْكُفْرَ عَلَى ٱلإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ
٢٣
قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ
٢٤
لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ
٢٥
ثُمَّ أَنَزلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَذٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ
٢٦
ثُمَّ يَتُوبُ ٱللَّهُ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢٧
-التوبة

{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم... } الآية. لمَّا أُمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة كان من النَّاس مَنْ يتعلَّق به زوجته وولده وأقاربه، ويقولون: ننشدك بالله أن تضيِّعنا، فيرقُّ لهم ويدع الهجرة، فأنزل الله تعالى: { لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء } أصدقاء تُؤثرون المقام بين أظهرهم على الهجرة { إن استحبوا } اختاروا { الكفر على الإِيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون } أَيْ: مشركون مثلهم، فلمَّا نزلت هذه الآية قالوا: يا نبيَّ الله، إن نحن اعتزلنا مَنْ خالفنا في الدِّين نقطع آباءنا وعشائرنا، وتذهب تجارتنا وتخرب ديارنا، فأنزل الله تعالى:
{ قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها } أَيْ: اكتسبتموها { فتربصوا } مقيمين بمكَّة { حتى يأتي الله بأمره } فتح مكَّة، فيسقط فرض الهجرة، وهذا أمر تهديد { والله لا يهدي القوم الفاسقين } تهديدٌ لهؤلاء بحرمان الهداية.
{ ولقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين } وهو وادٍ بين مكَّة والطَّائف، قاتل عليه نبيُّ الله عليه السَّلام هوازن وثقيفاً { إذ أعجبتكم كثرتكم } وذلك أنَّهم قالوا: لن نُغلب اليوم من قلَّةٍ، وكانوا اثني عشر ألفاً { فلم تغن } لم تدفع عنكم شيئاً { وضاقت عليكم الأرض بما رحبت } لشدَّة ما لحقكم من الخوف ضاقت عليكم الأرض على سعتها، فلم تجدوا فيها موضعاً يصلح لقراركم { ثم وليتم مدبرين } انهزمتم. أعلمهم الله تعالى أنَّهم ليسوا يغلبون بكثرتهم، إنَّما يَغلبون بنصر الله.
{ ثم أنزل الله سكينته } وهو ما يسكن إليه القلب من لطف الله ورحمته { على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها } يريد: الملائكة { وعذب الذين كفروا } بأسيافكم ورماحكم { وذلك جزاء الكافرين }.
{ ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء } فيهديهم إلى الإِسلام، من الكفَّار { والله غفور رحيم } بمَنْ آمن.