{ يحلفون بالله ما قالوا } نزلت حين أساء المنافقون القول في رسول الله صلى الله عليه وسلم
وطعنوا في الدِّين، وقالوا: إذا قدمنا المدينة عقدنا على رأس عبد الله بن أُبيّ
تاجاً يباهي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَسُعِي بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم،
فحلفوا ما قالوا { ولقد قالوا كلمة الكفر } سبَّهم الرَّسول وطعنهم في الدِّين
{ وهموا بما لم ينالوا } من عقدهم التَّاج على رأس ابن أُبيّ. وقيل: من الاغتيال
بالرَّسول { وما نقموا } كرهوا { إلاَّ أن أغناهم الله ورسوله من فضله } بالغنيمة
حتى صارت لهم الأموال، أَيْ: إنَّهم عملوا بضدِّ الواجب، فجعلوا موضع شكر
الغنى أن نقموه، ثمَّ عرض عليهم التَّوبة فقال: { فإن يتوبوا يك خيراً لهم وإنْ
يتولوا } يعرضوا عن الإِيمان { يعذبهم الله عذاباً أليماً في الدنيا } بالقتل { و } في
{ الآخرة } بالنار { وما لهم في الأرض من وليٍّ ولا نصير } لا يتولاَّهم أحدٌ من
المسلمين.
{ ومنهم مَنْ عاهد الله } يعني: ثعلبة بن حاطب، عاهد ربَّه لئن وسَّعَ عليه أن
يؤتى كلَّ ذي حقٍ حقَّه، ففعل الله ذلك فلم يفِ بما عاهد، ومنع الزَّكاة، فهذا
معنى قوله: { لئن آتانا من فضله لنصدقنَّ } لنعطينَّ الصَّدقة، { ولنكوننَّ من
الصالحين } ولنعملنَّ ما يعمل أهل الصَّلاح في أموالهم.
{ فلما آتاهم من فضله بخلوا به... } الآية.
{ فأعقبهم نفاقاً } صيَّر عاقبة أمرهم إلى ذلك بحرمان التَّوبة، حتى ماتوا على
النِّفاق جزاءً لإخلافهم الوعد، وكذبهم في العهد، وهو قوله: { إلى يوم
يلقونه... } الآية.