التفاسير

< >
عرض

أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ
١٠٨
وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ فَٱعْفُواْ وَٱصْفَحُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١٠٩
-البقرة

النهر الماد

و{ أَمْ } منقطعة تقدير ببل، والهمزة وهو استفهام على معنى الانكار، وأبرز ذلك في صورة الانكار بصيغة المستقبل وإن كان قد وقع ذلك منهم استبعاداً لوقوعه ولإِرادته.
{ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ } من نحو قولهم: اجعل لنا إلَهاً لما لهم آلهة ولن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة. وما مصدرية في كما. وقرىء: سئل بإِخلاص الضم وبالاشمام وبالياء وبتسهيل الهمزة بين بين وضم السين وبكسرها وبالياء ومن قبل تأكيد لأن سؤال اليهود موسى متقدم.
{ وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ } هذه كناية عن الإِعراض عن الإِيمان والاقبال على الكفر، إذ لم يكن لهم إيمان سابق تبدلوا به الكفر.
{ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } أي وسطه واعتداله وأبرز ذلك في صورة الشرط وكأنه لم يقع تنفيراً لهم وتبعيداً عن ذلك.
{ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } هم اليهود. والكتاب: التوراة.
وتقدم الكلام في { لَوْ } عند قوله: يود أحدهم لو يعمر. ومن جعل لِلَوْ جواباً قدره لسروا بذلك أو لفرحوا وقول من قدره لودّوا ذلك مناقض لقوله ودّ ويودّ بمعنى تصير.
و{ حَسَداً } مفعول من أجله وانتصابه على أنه مصدر لفعله المحذوف أو مصدر في موضع الحال ليس بجيد.
{ مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ } أي كائناً من عند أنفسهم أي الحامل لهم على الحسد هو أنفسهم الخبيثة الأمارة بالسوء.
{ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ } أي كفرهم عناد والحق وضوح رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعجزاته.
{ فَٱعْفُواْ وَٱصْفَحُواْ } هذا موادعة.
{ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ } من قتالهم وتمكينه منهم ونصره عليهم. ثم أنّس المؤمنين بذكر قدرته على كل شيء وبمخاطبتهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهما قوام الدين.