التفاسير

< >
عرض

بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَآ أنَزَلَ ٱللَّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ
٩٠
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ
٩١
-البقرة

النهر الماد

{ بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَآ أنَزَلَ ٱللَّهُ } اختلف في إعراب تركيب بئسما اختلافاً كثيراً والذي نختاره مذهب سيبويه إن ما: معرفة تامة. كأنه قال: بئس الشيء. والمخصوص بالذم محذوف تقديره شيء اشتروا به أنفسهم وإن يكفرُوا بدل من ذلك المحذوف. ومذهب الكسائي والفراء: ان ما موصولة اسمية وان يكفروا المخصوص بالذم. وقد عزى ابن عطية هذا القول إلى سيبويه وهو وهم على سيبويه. واشتروا: باعوا. والذي أنزل الله القرآن والتوراة والانجيل إذ فيهما التبشير برسول الله صلى الله عليه وسلم والتنبيه على اسمه وصفته.
{ بَغْياً } حسداً وظلماً وانتصاب بغيا على أنه مفعول من أجله والعامل أن يكفروا.
{ أَن يُنَزِّلُ ٱللَّهُ } ان مع الفعل بتأويل المصدر أي بغوا لإنزال الله. وتخفيف ينزل وجميع المضارع وتشديده قراءتان إلا ما وقع الاجماع من السبعة على تشديده وهو وما ننزله إلا بقدر معلوم.
{ مِن فَضْلِهِ } من لاتبداء الغاية.
{ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } هو محمد صلى الله عليه وسلم حسدوه لما لم يكن منهم وكان من العرب وعز النبوة من يعقوب عليه السلام كان في إِسحاق فختم بعيسى عليه السلام ولم يكن من ولد إسماعيل نبي سوى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فختمت النبوة على غيرهم.
{ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ } أي مترادف متكاثر.
{ وَلِلْكَافِرِينَ } أل للعهد أو للجنس.
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ } هم من بحضرته عليه السلام من اليهود ذمّوا بما صدر من آبائهم وأسلافهم من قتل الأنبياء إذ كانوا راضين بأفعالهم.
{ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ } هو القرآن أو الكتب الالهية التي منها القرآن.
{ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا } وهو التوراة وما جاءهم على لسان أنبيائهم.
{ وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ } جملة مستأنفة الاخبار عنهم. بما وراءه أي بما جاء بعد كتابهم وهو القرآن.
{ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ } حال مؤكدة لأن كتب الله تعالى يصدق بعضها بعضاً فالتصديق لازم لا ينتقل.
{ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ } الفاء جواب شرط مقدر دل عليه المعنى أي قل لهم إن كنتم آمنتم بما أنزل عليكم فلم تقتلون أنبياء الله لأن الإِيمان بالتوراة واستحلال قتل الأنبياء لا يجتمعان وجاء تقتلون وإن كان قتل أسلافهم الأنبياء قد مضى تنبيهاً على أن جاحدي الرسول لهم حظ في ذلك بالرضا. وفي إضافة أنبياء إلى الله تشريف عظيم لهم وإن من جاء من عند الله جدير أن يعظم وأن ينصر.
{ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } شرط جوابه محذوف أي فلم فعلتم ذلك وهي جملة مؤكدة حذف الشرط أولاً وجوابه فلم وحذف الجواب ثانياً وشرطه مذكور.