التفاسير

< >
عرض

إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاۤئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ
٤٥
وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ
٤٦
قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
٤٧
-آل عمران

النهر الماد

{ إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاۤئِكَةُ } العامل في إذا ذكر ويبعد أن يكون بدلاً من إذْ أو يكون العامل فيه يختصمون.
{ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ } هو عيسى وتقدم المراد بكلمة في قصة زكريا.
{ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ } والضمير في اسمه عائد على الكلمة على معنى يبشرك بمكوّن منه أو بموجود من الله وسمي المسيح لأنه مسح بالبركة. وألْ في المسيح للغلبة كهي في الدبران. واسمه المسيح مبتدأ وخبر وذكر الضمير في اسمه على معنى الكلمة ولم يؤنث على اللفظ. وعيسى: اسم أعجمي بدل من المسيح، وابن مريم صفة لعيسى. وفي كلام الزمخشري ما يدل على أن اسمه المجموع من قوله المسيح عيسى ابن مريم وفيه بعد. والمسيح لقب بدأ به لأنه أشهر من عيسى إذ لا ينطلق على غيره وعيسى قد يقع على غيره وامتنع عيسى من الصرف للعجمة والعلمية وليست ألفه للتأنيث خلافاً لمن قال ذلك. وأصله في لسانهم أيسوع.
{ وَجِيهاً } فعيل من وجه أي أعظم قدرة وجاهة. { فِي ٱلدُّنْيَا } بنبوّته { وَٱلآخِرَةِ } بعلو درجته. { وَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } قال الماوردي: معناه المبالغ في تقريبهم لأن فعّل من صيغ المبالغة يقال: قرّبه يقرّبه إذا بالغ في تقريبه. "انتهى". وليس فعّل هنا من صيغ المبالغة لأن التضعيف هنا للتعدية إنما يكون للمبالغة في نحو: جرّحت زيداً وموّت الناس ومن المقربين معطوف على قوله: وجيهاً، تقديره ومقرباً من جملة المقربين والتقريب بالمكانة والشرف لا بالمكان.
{ وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً } وعطف، ويكلم حال أيضاً على وجيهاً ونظيره صافات ويقبضن أي وقابضات وجاء بالمضارع الذي يقتضي التجدد ووجيهاً بالإِسم الذي يقتضي الثبوت، وكهلاً معطوف على في المهد أي كائناً في المهد وكهلاً يشير إلى أن تكليمه في المهد يكون كتكليمه كهلاً وفيه إشارة إلى أنه يعيش الى حد الكهولة.
{ قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ } استفهام معناه التعجب لأن وجود ولد من غير ذكر لم يعهد وهو أغرب من قصة زكريا.
{ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ } جملة في موضع الحال. وقد فهمت من نسبته إليها في قوله: ابن مريم انه لا والد له فاستغربت ذلك وتعجبت منه.
{ قَالَ كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } تقدم إعرابه في قصة زكريا وهناك يفعل لأنه ممكن إذ هو بين ذكر وأنثى مسنين. وهنا يخلق لأنه لم يعهد مولود من غير ذكر فجاء بلفظ يخلق الدال على الإِختراع الصرف من غير مادة ذكر.
{ إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } تقدم الكلام عليه في البقرة.