التفاسير

< >
عرض

وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
١٠٧
-يونس

تيسير التفسير

{ وَإِنْ يَمْسَسكَ اللهُ بِضُرٍّ } كفقر ومرض ولا مصيب إِلا الله. { فَلاَ كَاشِفَ } رافع { لَهُ إِلاَّ هُوَ } والأَصنام لا تضر ولا تكشف الضر { وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ } لم يقل يمسسك إِشارة إِلى أَن الخير مراد بالذات بخلاف الضر فإِنه يمس بالعرض ولا يوجد شر جزئِى ما لم يتضمن خيراً كليا، فالمطر الشديد مثلا وإِن هدم بعض البيوت أَو أَفسد الزرع أَو الثمار، لكن ينبت الحبوب وما ينتفع به الوحوش والأَنعام والثقلان، ويعود على ما أَفسد بالإِصلاح ويسهل البناءَ وإلا ففى الضر إِرادة ومس وفى الخير كلاهما، ولعله أَيضا ذكر فى كل منهما ما حذف من الآخر { فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ } لا راد له أَى للخير ووضع الفضل موضع مميز ليخبرنا أَن فضل الخير منه لا استحقاق لنا ولا واجب على الله فلو عبد الإِنسان أَكثر من عبادة الملائِكة وغيرهم من أَول الخلق إِلى آخرهم لم يجب له على الله شىءٌ لكن اقتضت حكمته لفضله إِثابته، وإِن أُريد بالفضل مطلق فضله لم تكن الجملة جوابا بل علة للجواب المحذوف، ولم يقل وإِن يردك بخير فلا راد لفضله إِلا هو كما قال فلا كاشف له إِلا هو لأَنه ذكر الخير بالإِرادة فلم يبق للاستثناءِ معنى بخلاف الضر فإِنه مذكور بالمس لا الإِرادة، ومراد الله لا يمكن رده وهى صفة ذات والمس صفة فعل والمعنى وإِن يرد بك الخير، لكن لما تعلق الخير بالإِنسان والإِنسان بالخير جازت العبادتان إِلا أَن التقديم فى اللفظ يدل على زيادة العناية بالمقدم فدل قوله: " { وإِن يردك بخير } "[يونس: 107] على أَن المقصود الإِنسان وسائِر المخلوقات مخلوقة لأَجله، وأَيضا أَشار إِلى الاستثناءِ بقوله { يُصِيبُ بِهِ } بالفضل وهو الخير أَو بالخير { مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } فى وقته المقدر لا من لم يشأْ ولا فى غير وقته { وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } فتعرضوا لمغفرته بالتوبة ولا تيأَسوا، ولرحمته بالطاعة فإِنه الغنى الشكور.