التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ
١٤
-يونس

تيسير التفسير

{ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ } يَا أَهل مكة { خَلاَئِفَ فِى الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ } العطف على أَهلكنا، والهاء للقرون والمراد الإِيجاد لهم فى الأَرض، وإِسكانهم فيها بعد إِذهاب من قبلهم سواءٌ من اتفقت أَرضهم ومن لم تتفق { لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } أَى لنعلم كيف تعملون أَى لنظهر متعلق علمنا للناس من إِيمان من يؤمن منكم للاعتبار بإِهلاك من قبلكم أَو لغيره لمعجزات الرسول، ومن كفر من يكفر منكم وكيف حال الواو، والمعنى لننظر على أَى حال تعملون فإِن المعتبر جهة الفعل لانفسه، أَلا ترى أَن الفعل الواحد يقبح تارة ويحسن أُخرى كضرب اليتيم يحسن تأْديبا ويقبح ظلماً له واحتقارا، لا مفعول مطلق أَى عمل تعلمون كما قيل ولا مفعولا به، لكن كيف للسؤال عن الأَحوال لا عن الذوات، نعم يجوز السؤال بها على التجوز، وإِن جاءَ عن العرب كيف ظننت زيدا؟ فهى مفعول به والأَولى أَنها حال وعاملها محذوف، والمجموع مفعول ثان أَى كيف يفعل وإِذا لم يجعل مفعولا به قدر المفعول به أَى لننظر كيف تعملون ما يعرض لكم، وفى الآية استعارة تمثيلية، شبه تمكينه العباد من الطاعة والمعصية والأَمر بالطاعة ورضاها والنهى عن المعاصى وبغضها باختبار الإِنسان مع تمكينه مما يعمل أَو يترك، والجامع ظهور ما يترتب على ذلك، وهى مبنية على استعارة مفردة تبعية، فإِن النظر موضوع للنظر بالعين واستعمل فى العلم أَى ليظهر معلومنا خارجاً فيجازى عليه، وفى الحديث "إِن الدنيا حلوة خضرة، أَو خضرة نضرة، وإِن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون" ، وعن قتادة: صدق الله ربنا ما جعلنا خلفاءَ إِلا لينظر أَعمالنا، فأَروا الله من أَعمالكم خيراً بالليل وبالنهار.