التفاسير

< >
عرض

وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّيۤ إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ
٥٣
-يونس

تيسير التفسير

{ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ } يستخبرونك { أَحَقٌّ هُوَ } سأَلوا أَولا عن وقت العذاب، وهنا عن تحققه فى نفسه، ولفظ هو للعذاب وحق مبتدأٌ وهو فاعله أَغنى من خبره أَو حق خبر وهو مبتدأٌ، وقدم للحصر وللاهتمام أَى أَكان وحده حقاً لا حق معه أَو أَهو الحق لا الباطل، والجملة على كل مفعول ثان ليستنبىءُ علق هنا بالاستفهام { قُلْ إِى } نعم وإِى بمعنى نعم تختص بالقسم وأَجاز أَبو حيان استعمالها فى غير القسم، والغالب استعمالها فيه عنده، وما قاله ظاهر على أَن ورودها فى القسم غير حجر عن استعمالها فى غيره لعدم فساد المعنى على حد ما من البحث فى كافة، وأَهل مضاب وأَهل مصر ومن شايعهم، أَى بلا واو ويقولون أَيو بالواو وأَيوه بهاءِ السكت، ونقول الواو بعض من القسم فإِن كان لأَبى حيان حجة من كلام من يحتج به قبل فساد اللسان فهو حجة { وَرَبِّى إِنُّهُ لَحَقٌّ } إِن العذاب لحق، أَو إِن القرآن لحق أَو ما أَدعيه من الرسالة لحق، قيل الاستفهام فى قوله أَحق على أَصله لقوله: ويستنبئُونك، سافر حيى بن أَخطب من المدينة إلى مكة قبل الهجرة فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أحق ما تقول، فنزل ويستنبئُونك إلخ، والمضارع لحكاية الحال على أَن الآية بعد قوله ذلك، وأَما قبل قوله فهو للاستقبال وإِخبار بالغيب، وقيل للإِنكار وهو أَولى لأَن السائِل وهو حيى بن أَخطب من رَأْس اليهود فى العلم وهو من أَشدهم، فهو إِما عارف بالحق معاند أَو خائِف من زوال رياسته أَو غير عارف وهو منكر، وقد يقال لعل ذلك من أَول أَمره لعنه الله فيسأَل استفهاماً، ويشتد كفره بعد، وأَما الاستنباءُ فلا دليل فيه لأَنه يستعمل فى الإِنكار كما يستعمل فى الاستفهام الحقيقى، ويجوز أَن يكون المعنى إِنا جازمون بذلك لكن أَخبرنا عما تقول أَجد منك أَم هزل. فقل لهم: نعم، وأُقسم لكم بربى الذى لا إِله إِلا هو ولا معبود بحق سواه إِنه لحق وجد لا هزل فيه، { وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ } فإِنكم بعد أَن تموتوا وتصيروا تراباً لن تعجزوا الله سبحانه وتعالى عن إِعادتكم كما بدأَكم من العدم فـ " { إِنما أَمره إِذا أَراد شيئاً أَن يقول له كُن فيكون } "[يس: 82] وهذه الآية ليس لها نظير فى القرآن إِلا آيتان أُخريان يأْمر الله تعالى رسوله أَن يقسم به على من أَنكر المعاد، فى سورة سبأ: " { وقال الذين كفروا لا تأْتينا الساعة قل بلى وربى لتأْتينكم } "[سبأ: 3] وفى التغابن: " { زعم الذين كفروا أَن لن يبعثوا قل: بلى وربى لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير } "[التغابن: 7] ثم أَخبر الله تعالى أَنه إِذا قامت القيامة يود الكافر لو افتدى من عذاب الله بملءِ الأَرض ذهباً.