التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَرْكَنُوۤاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ
١١٣
-هود

تيسير التفسير

{ وَلاَ تَرْكنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا } مشركين أَو موحدين { فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ } بركونكم إليهم والركون شامل للحب بالقلب إِلا ما كان عن ضرورة، وبالتزييى بزيهم فى اللباس والمشى وبالتكلم بنحو كلام اختصوا به، وتعظيم ذكرهم ومداهنتهم واختيارهم على غيرهم، حكى عن الموفق أَنه صلى خلف إِمام فقرأَ هذه الآية فغشى عليه فلما أًفاق قيل له فقال هذا فيمن ركن إِلى ظالم فكيف بالظالم، وعن الحسن جعل الله الدين بين لاءَين لا تطغوا ولا تركنوا، ولما خالط الزهرى السلاطين كتب إِليه أَخ فى الدين: عافانا الله وإِياك أَبا بكر من الفتن، فقد أَصبحت بحال لمن يعرفك أَن يدعو لك الله ويرحمك، أصبحت شيخاً كبيراً وقد أَثقلتكك نعم الله بما فهمك من كتابه وعلمك سنة نبيه، وليس كذلك أَخذ الله الميثاق على الْعلماءِ، قال الله سبحانه: { { لتبيننه للناس ولا تكتمونه } [آل عمران: 187]، وأَيسر ما ارتكبت وأَخف ما احتملت أَنك آنست وحشة الظالم وسهلت سبل الغير بدونك إِلى من لم يود حقاً ولم يترك باطلا حين أَدناك واتخذك قطباً يدور عليك رحا باطلهم، وجسرا يعبرون عليك إِلى بلائِهم، وسلما يصعدون فيك إِلى ضلالهم، ويدخلون الشك على العلماء ويعتادون بك إِلى قلوب الجهلاءِ فما أَيسر ما عمروا لك فى جنب ما خربوا عليك، وما أكثر ما أَخذوا منك فيما أفسدوا عليك من دينك فما يؤْمنك أَن تكون ممن قال الله فيهم: " { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا } "[مريم: 59] فإنك تعامل من لا يجهل ويحفظ عليك من لا يقفل، فداو دينك فقد دخله سقم وهيىءْ زادك فقد حضر السفر البعيد، وما يخفى على الله شىءٌ فى الأَرض ولا فى السماءِ، وفى الأَثر ما من شىءٍ أَبغض إِلى الله تعالى من عالم يزور عاملا، والذباب على العذرة أَحسن من قارىءٍ على باب هؤلاءِ، قيل لسفيان: إِنى أَخيط للظلمة فهل أَنا من أَعوانهم؟ قال: لا أَنت منهم، ومن يبع لك الإِبرة من أَعوانهم { وَمَا لَكُمْ مَّنْ دُون اللهِ مِنْ أَوِلِيَاءَ } يمنعونكم من العذاب على الركون أَو يصرفونه عنكم بعد وقوعكم فيه، والواو للحال { ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ } لا ينصركم الله ولا غيره إِن كنتم لقضائِه بتعذيب الراكن ولا يخلف وعيده كما لا يخلف وعده، وثم للتراخى فى الاستبعاد، استبعاد النصرة لهم من الله، وليس هذا خارجاً عن قولنا ثم لتراخى الرتبة أَو عطف فعليه على اسمية أَى نصركم بعيداً وهى بمعنى الواو أَو الفاءُ للسببية الموصولة وقد أَكَد الله الشأْن فى هذه الأَحكام إِذا صرفها إِلى الخطاب لنبيه صلى الله عليه وسلم وأَصحابه أَو إِليه وإِلى أُمته.