التفاسير

< >
عرض

فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ
١٤
-هود

تيسير التفسير

{ فَإِنْ لَّمْ يَسْتَجِيبٌوا لَكُمْ } فى الإِتيان بعشر سور مثله أَو بالمعاونة، والواو لمن، فالكلام من الله أَو الواو للمشركين بالكلام من القول والفاءُ عاطفة على قل عطف طلب على طلب، لأَن المعتبر فى الشرط هو الجواب وهو هنا أَمر أَو رابطة لمحذوف أَى إِذا قلت فأْتوا إِلخ، فإِن لم يستجيبوا وذكر بعض أَنها سببية لأَن ظهور عدم الاستجابة فى تحققه مسبب عن الأَمر بإِتيان ما هو مثله ومعقب له، وإِن الموضوعة بالشك إِنما هى باعتبار وطنهم لأَن العجز قبل التدبر فى بلاغته لم يتحقق عندهم، واختار الاستجابة على الإِجابة إِذ لم يقل فإِن لم يجيبوا لأَن الاستجابة خاصة بتحصيل المطلوب، والإِجابة تعم الجواب بتحصيله أَو دونه ولم يقل فإِن لم تفعلوا كما فى سورة البقرة إِيماءً إِلى أَنه صلى الله عليه وسلم على كمال آمن من أَمره كان أَمره لهم بالإِتيان بمثله دعاءً لهم إِلى أَمر يريد وقوعه، والخطاب فى لكم لرسول الله والمؤمنين لأَن تحديه صلى الله عليه وسلم تحد لهم، ولأَن المؤْمنين يتحدونهم أَيضاً، وأَمر النبى بالتحدى أَمر لهم بالتحدى لأَن كل ما عليه أَو له عليهم أَو لهم إِلا ما خص بدليل وأَيضاً هم راضون بتحديه وحاضرون حال التحدى أَو الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم بصيغة الجمع تعظيماً له، وفى آية أُخرى فإِن لم يستجيبوا لك أَو الخطاب لهم تلوينا للخطاب والجمع فى قوله { فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ } على حد الجمع فى لكم تبع له والمراد المماثلة فى نوع إِعجاز القرآن لا فى إِجمال معانى القرآن كله فى عشر السور، والأَظهر لهم كأَنه تكليف بما لا يطاق، ولو كان من الجائِز أَن يأْمرهم تعجيزاً بأَن يأْتوا به كله فى عشر سور طوال جداً حتى تجمعه، والباءُ للملابسة أَى مع علم الله لا بالافتراءِ وإِنما للحصر، ولا يغرنك ما قيل أَنها لا تكون للحصر وإِن المكسورة تفيده وحدها دون المفتوحة، أَى ما أَنزل إِلا بعلم الله وقدرته لا علم فيه لغيره ولا قدرة، فهو منه أَبعد أَن ينزله غيره فيعلم هو أَو لا يعلم أَو ما اسم، أَى إِن الذى أُنزل ثابت بعلم الله وعليه فبعلم خبر لأَن ولا يتصور أَن تكون مصدرية لأَن أَن قبلها مصدرية إِذا صرنا إِلى المصدرية، ومعنى اعلموا اثبت يا محمد أَو يا محمد والمؤمنون على العلم، أَو زد أَو زيدوا منه أَو المراد العلم الذى فى المرتبة العليا التى ما عداها من علم المخلوق كلا علم، وأَجاز بعض أَن يكون الخطاب من الغيبة والأَصل فليعلموا ولا يرده عن الالتفات وجود الخطاب فى وادعوا من استطعتم إِلخ لأَنه ليس فى نظمه بل فى نظم فإِن لم يستجيبوا ويناسبه أَن ضمير الجمع فى الآية قبل لهم فليكن لهم فى هذه وأَنهم أَقرب ذكراً { وَأَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ } أَن مصدرية مخففة والعطف على إنما إلخ أَى واعلموا أَن لا إِله إِلا هو أَو على علم أَى إِنما أُنزل بعلم الله وبأَن لا إِله إِلا هو، وعلى كل حال المراد توحيد العالم بما لا يعلم غيره القادر على ما لا يقدر غيره فهو المعبود لا آلهتهم لعجزها عن العلم والقدرة، فليست مجيرة لعابديها من العذاب { فَهَلْ أَنتُمْ مُسْلِمُونَ } ثابتون على الإِسلام راسخون فيه وزائِدون ثباتا عليه للإِعجاز الذى شاهدتم، أَو الخطاب للكفار، أَى فهل أَنتم داخلون فى الإِسلام لهذا الإِعجاز أَو مؤْمنون بالقرآن لهذا الاعجاز، والفاءُ سببية أَو عاطفة على اعلموا والمراد الأَمر بالإِسلام لتمام حجته كأَنه قيل قام موجب الإِيمان فلا عذر فى التخلف عنه، وقد قيل الاستفهام للأَمر أَو للاستبطاءِ أَو للتقرير أَى أَقروا بما عندكم أَبقاءٌ على الكفر أَم دخول فى الإِسلام، فإِنه لا مانع لكم إِلا حب الدنيا ولذا قال.