التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱرْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
٤١
-هود

تيسير التفسير

{ وَقَالَ } الله لنوح ومن معه، أَو قال نوح لمن معه، ويدل له إِن ربى لغفور رحيم، ولو كان الضمير لله عز وجل لقال إِنه لغفور رحيم { ارْكَبُوا فِيهَا } تغليباً للذكور العقلاءِ على غيرهم بأَن وجه الخطاب إِلى الكل لأَن الكل فى معرض الركوب وعند السفينة أَو الخطاب لنوح والمؤمنين من الله أَو المؤْمنين من نوح، ولما ركبوا أَدخلوا الحيوانات، وقد لا تدخل الحيوانات فى الخطاب باركبوا بل شأْنها فى قوله احمل فيها، فحملها قبل ركوبهم أَو بعده، وتعدى اركبوا بفى لأَنه فى معنى كونوا أَو ادخلوا والركوب العلو على شىءِ، وغلبته فيتعدى بنفسه كقوله تعالى: لتركبوها. ولما أُريد المحلية والمكانية تعدى، هى استعارة كقوله تعالى: فإِذا ركبوا فى الفلك، وقوله عز وجل: حتى إِذا ركبا فى السفينة، ركبوا فى السفينة، وركبوا فى يوم الجمعة العاشر من رجب وطافت بالبيت أُسبوعاً وسارت مائَة وخمسين يوماً واستقرت على الجودى شهراً، وخرجوا يوم عاشوراءَ، وليس فى الدنيا سواهم وسوى ما معهم وسوى قوم مؤْمنين لم يغرقوا لما كان الطوفان أَحاط بهم الماءُ كالجدران، ولم يدر بهم نوح حتى خرج من السفينة، وقيل أَمره الله بحمل جسد آدم فحمله معترضا بين الرجال والنساءِ بوصية منه عليه السلام، والماءُ دخل الحرم ورفع البيت أَو هدم، وقيل خبىءُ الحجر فى أبى قبيس، واستشكل الرفع والخبء، وعن مجاهد لم يدخل الماءُ الحرم فلا رفع ولا خبءَ، ويقال إِنها طافت الأَرض كلها ولم تدخل الحرم وطافت به أُسبوعا، ويقال نجا عوج لأَنه حمل حشب الساج من اليمن إِلى نوح عليه السلام وهو كافر وصل الماءُ إِلى حجرته { بِسْمِ اللهِ } متعلق بحال محذوفة مقارنة وصاحبها واو اركبوا أَى مصاحبين لاسم الله وقت إِرسائها ووقت إِجرائِها كما قال { مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا } مصدران ميميان منصوبان على الظرفية متعلقان بمصاحبين أَى إِرساؤُها وإِجراؤها كقولك: جئْت طلوع الشمس، وإِما أَن يكونا ظرفين ميميين زمانيين أَو مكانيين فلا، لأَن عاملها ليس من معناها كقولك رميت مرمى زيد، أَو بسم الله متعلق بقائلين حالا محذوفة، أَى اركبوا فيها قائلين بسم الله مرساها ومجراها، فهما أَيضا مصدران نابا عن الزمان متعلقان بقائلين أو قائلين بسم الله نستجلب النجاة والخير وقت إِجرائِها وإِرسائِها، ويجوز أَن يكون صاحب الحال هاءُ من فيها. فيقدر اركبوا فيها كائنا بسم الله إِجراؤُها وإِرساؤُها، فيكون مجراها ومرساها فاعلا لكائِنا أَو لِبسم، أَو بسم خبر لمرساها والجملة مستأْنفة، أَو حال من هاءِ فى فيها، والحال مقدرة لأَن إِجراءَها وإِرساءَها لم يكن عند الركوب بل بعد الاستقرار فيها. روى أَنه إِذا أَراد أَن تجرى قال بسم الله وإِذا أَراد أَن ترسو قال بسم الله { إِنَّ رَبِّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } قاله نوح للمؤمنين معه إِذ نجاهم الله من الغرق مع فرطاتهم لكثرة مغفرته ورحمته وحكمته لا لاستحقاقهم النجاة بإِيمانهم، إِذ لا واجب على الله أَو لا تخافوا الغرق لأَن الله غفور رحيم، أَو اركبوا فيها لأَن الله غفور رحيم، ولولا غفرانه ورحمته لم تركبوا فتغرقوا.