التفاسير

< >
عرض

وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ
١٦
قَالُواْ يَٰأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ
١٧
-يوسف

تيسير التفسير

{ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ } وقت الظلمة، وقت صلاة العتمة، وقيل من المغرب إِلى صلاة العشاءِ، وذلك ليجترئوا على الكذب ولا يلحقهم حياءٌ، وربما خافوا التضاحك والتبسم، وفى الليل يتسترون عن ذلك، أَو وصلوا فى ذلك الوقت وهو عشاءُ يومهم الذى خرجوا فيه، وقيل: عشاء يوم آخر، عشاء اليوم الرابع لما مر أَنهم رعوا حول البئْر ثلاثة أَيام كذا قيل، ولما بلغوا منزل يعقوب بكوا وصرخوا ففزع فقال: سأَلتكم بالله هل أَصابكم شىءٌ وأَين يوسف؟
{ قالُوا يَا أَبانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا } ثيابنا وطعامنا وما صحبنا ولم نفرط فيه لأَنه يتمتع به ولأَنه قريب المسافة إِلينا { فأَكَلهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ } بمصدق { لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ } فى كلامهم ما يشعر بخيانتهم، والمراد { ولو كنا صادقين } عندك فى غير أَمر يوسف، فكيف لو كنا نكذب معك فى غير أَمره فبأَولى تكذبنا فى أَمره، ولا سيما مع إِفراطك فى حبه وسوءِ ظنك بنا، ونستبق بمعنى نتسابق كاجتوروا بمعنى تجاوروا، ويختلفون بمعنى يتخالفون كل يريد أَن يسبق الاخر فى السرعة بالمشى على الأَقدام للهروب مما يحل لنا الهروب منه وللحوق ما فزعنا أَو أَو أَردنا إِدراكه أَو للتحرف لقتال أَو فى الرمى بالسهام، أَو فى أَعمال نتوزعها من سقى ورعى واحتطاب، أَو فى الصيد أَو فى مدافعة الذئْب الذى يأْكله، وذلك كذب صريح، وقيل: عرضوا برد هاءِ أَكله للمتاع، وأَوهموا يعقوب رده إِلى يوسف، وليس كذلك؛ لأَنهم فى ذلك الحال لا يبالون بكذب ينفذ عنهم.