التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ
٧٨
قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّـآ إِذاً لَّظَالِمُونَ
٧٩
-يوسف

تيسير التفسير

{ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ } هو هنا وصف ولذلك تبع به أَيها، وليس علماً، ولا يقال يا أيها الحرث ويراد به رجل يسمى حارثاً فكأَنه قيل يا أَيها الملك العزيز الشأْن { إِنَّ لَهُ } لأَخينا الذى أَخذته { أَباً شيْخاً } نعت لأَبا { كَبِيراً } هو ما كبير السن فإِن الشيخ من حين شاب أَو دخل الخمسين، ولا يهرم فوق الخمسين إِلا إِن عمَّر كثيراً أَو كبير القدر عند الله لأنه نبى ابن نبى أَو أَرادوا كبر السن والقدر { فَخُذْ أَحَدَنَا مكانَهُ } بدلنا واستعبده، وإِنما كان المكان بمعنى البدل، لأَن بدل الشىء يكون مكانه ويتمكن فيه فكنى به عن البدل { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } شهدنا إِحسانك معنا ومع غيرنا وعلمناه وهذا من التوسل فى الإِحسان بالإِحسان السابق أَو نراك من المحسنين بردكه لنا إن رددته، وهذا لا يتبادر، وزعموا أَن أَقواهم روبيل، وقيل: شمعون، وكان إِذا صاح أَلقت كل حامل حملها إِذا سمعت صوته، وإذا غضب قام شعره حتى ينفذ من ثوبه، لما أَخذ يوسف بنيامين بالصياح قال: اردده إلينا، وإِلا صحت فتضع الحوامل واشتد غضبه وقال لإِخوته: اكفونى الملك وأَكفيكم أَهل مصر أَو أَكفيكموه وأَكفونيهم، وكانوا إذا مسهم يعقوب أو ولد له ذلوا واتضعوا فأَمر يوسف بنيامين أَن يقوم قريباً منه فيمسه ففعل ففتر، وقال: من مسنى منكم؟ إِن هنا أَحدا من أَولاد يعقوب، ثم عاود فتقدم إليه يوسف فقبض يده وضربه برجليه فوقع على الأَرض وقال ذليلا: يا أَيها العزيز إن له أَبا شيخاً كبيراً فخذ أَحدنا مكانه...إِلخ، والقائل واحد، وأَسند القول لهم على طريق الكل لا الكلية، أَو لرضى الباقين { قَالَ } يوسف { معَاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ } نعوذ بالله عوذا أَن نأْخذ وهذا فى معنى النفى، ولهذا صح التفريغ بقوله { إِلاَّ مَنْ وَجَدْنَا متَاعَنَا } أَى الصواع لم يقل إلا من سرق متاعنا، مع أَنه أَقل لفظا لأَنه ذكر فى الاستفتاءِ ذكر المتاع أَو للاحتراز عن الكذب { عِنْدَهُ } وهو بنيامين { إِنَّا إِذاً } إذا أَخذنا غيره على فرض أَنا أَخذنا غيره ومضى الأَخذ، أّو إِذا أَخذنا غيره كما طلبتم منا { لَظَالِمُونَ } لأَنفسنا بتبديل الدين، وللمأْخوذ بأَخذ غير الفاعل مكان الفاعل، ولم يقل إلا من سرق متاعنا تحرزا عن الكذب، وقد مر تخلصه من الكذب فى كل موضع يوهم الكذب، وبقى أن يقال كيف يسوغ له أَن لا يخبر يعقوب بأَنه فى مصر وكيف يأْخذ بنيامين ونحو ذلك بما يغم يعقوب الجواب: أن الله جل وعلا أمره بذلك فيعظم أجرها.