التفاسير

< >
عرض

رَبَّنَآ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ فَي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ
٣٨
-إبراهيم

تيسير التفسير

{ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِى وَمَا نُعْلِنُ } من حزن القلب وبكاءِ العين وأَحوالنا ومصالحنا وأَرحم بنا منا لأَنفسنا.

وأرحم بى منى لنفسى وأَرأَف فما جزعى مما أَصاب وما عذرى

لكن ندعوك توحيدا لك، إِذ لا قاضى حاجة سواك، ولا أرحم منك واستعجالا لنيل ما عندك، فمن شأْن الإِنسان العجلة ولو كان الأَولى تركها، وجبرا لما نالنى من مفارقتى لولدى الرضيع وأُمه السرية الموافقة لى دنيا ودينا، المطيعة لك، وإِظهار للتضرع والتوكل فإِنك المرجو ظاهرا وباطنا رجاءً لأَن تحييهما فى واد غير ذى زرع وتخفيفا للحزن المتمكن فى قلبى على ذلك، واستنجازاً لقولها: إِذاً لا نخشى، تركتنا إلى كاف حين قلت لها: الله أَمرنى بذلك، وكرر النداءَ للمبالغة فى التضرع { وَمَا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْ شَىْءٍ فِى الأَرْضِ وَلاَ فِى السَّمَاءِ } لأن علمه لنفسه لا بتعلم وحدوث، وما بذلك لا يتغير، ومن للاستغراق تصريحا، ولو كان بدون من لكان ظاهرا لا تصريحا إلا بعلمنا من خارج أنه لا يخفى عليه شىء ما، وقيل: النكرة فى سياق السلب تعم تصريحا لا ظهورا فقط، ولو لم تدخل عليها من الزائدة، وذلك من كلام إبراهيم على الصحيح، لأَن ما قبله وما بعده من كلامه، وقيل: من كلام الله - عز وجل - معترض ولا سيما أن بين الكلامين مدة، وعلى الأَول والأصل وما يخفى عليك، ووضع الظاهر موضع المضمر قصد إلى ذكره تعالى باسمه الأعظم الذى يستجاب به التفاتا من الخطاب إلى الغيبة، وعلى الثانى الأصل وما يخفى على من شىءٍ فى الأرض ولا فى السماءِ، على الالتفات - السكاكى - من التكلم إلى الغيبة، اعترض به تصديقا لكلامه قبل تمامه، وقدم الأَرض للفاصلة، ولأَن الداعى والمدعو له فى الأرض، وليكون علمه بما فى الأرض كالبرهان لعلمه بما فى السماءِ، والأَمكنة عنده سواءَ، فإذا علم ما فى الأَرض فعلمه بما فى السماءِ أَولى بحسب بادى الرأْى؛ لأَنها فى جهة محل اللوح والوحى، وهو متنزه عن الحلول.