التفاسير

< >
عرض

ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
٣
-الحجر

تيسير التفسير

{ ذَرْهُمْ } اتركهم لا تأْمرهم ولا تنههم ولا تخبرهم بشىءٍ من الدين فإِنه لا يؤثر فيهم كلام، وذلك إِقناط منهم، وما عليك فقد أِبلغت، ولا نسخ فى مثل هذا بآية القتال، فإِنه مما يقال فيهم ولو أُذن بالقتال لا يستعمل له ماض إلا قليلا كما قيل عنه صلى الله عليه وسلم: "ذروا الحبشة ما وذرتكم فإِنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين" ، وهذا تهديد لهم على لسانه صلى الله عليه وسلم، كما هددهم الله سبحانه برد الضمير إليه معهم فى قوله: { ذرنى ومن خلقت وحيدا } [المدثر: 11] والمراد ذرهم وقل لهم كلوا وتمتعوا وليلهكم الأَمل فسوف تعلمون { يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا } قدم الأَكل لأَنه فى البهائِم أَشد، وهم أَخس منها وأَمرهم بها هو غاية مطلوبهم وأَشد لذمهم أَمر تهديد { ويُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } فيكون تهديدا خوطبوا به إِذ قال لهم كلوا وتمتعوا وليلهكم الأَمل فسوف تعلمون، فذكر الله أنهم وافقوا هذا الخطاب بقوله يأْكلوا إلخ، يأْكلون من اللذائِذ الحلال والحرام، ويتمتعون بالمحرمات من اللباس والزنى وغيره من الدنيا الحلال والحرام، ومنها المراكب الجيدة والمساكن الحسنة، ويلههم أَملهم الطويل عن التذكر والاستعداد للبعث الذى أَنكره منكرهم وشك فيه شاكهم، وساعدهم على ذلك استقامة الدنيا لهم، وقد طمعوا فى طول العمر مع ظنهم أَن أَموالهم هى التى أَخلدتهم أََى أَبقتهم أَحياءً، وسوف يعلمون عاقبة ذلك، وهو النار الدائِمة، وما قبلها من عذاب الموت والقبر والبعث والمحشر والخزى والإِهانة، وذلك لمشاهدتهم المدلول عليها بالعلم، قال صلى الله عليه وسلم: " صلاح هذه الأُمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل والأَمل" وعن على: إِنما أَخشى عليكم اثنين: طول الأَمل واتباع الهوى، فإِن طول الأَمل ينسى الآخرة واتباع الهوى يصد عن الحق.