التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ إِنَّ ٱلْخِزْيَ ٱلْيَوْمَ وَٱلْسُّوۤءَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ
٢٧
-النحل

تيسير التفسير

{ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } متعلق بقوله { يُخْزِيهِمْ } وقدم على طريق الاهتمام بيوم وإنكار على من أنكره من قومه صلى الله عليه وسلم، والله لا يهتم، والخزى الذل والإخزاء الإِذلال وهو أَعم من العذاب، أَو المراد بالإخزاء التعذيب بالنار، أَو هو وغيره وهو الفرد الكامل من الخزى: " { ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } "[آل عمران: 192] والهاءُ للكفار مطلقا، وكلمة ثم تدل على أَن العذاب المذكور قبلها فى الدنيا، وإن قلت أين شركائى يأْباه لأَنه قبل دخول النار، فالمراد أَصل معناه وهو الإِذلال، قلت الواو فى قوله: ويقول أَين شركائى لا ترتب وأَيضاً التعذيب فرد كأصل فى الخزى فهو مستعمل فى أصل معناه وأيضاً يقال لهم فى النار: أَين شركائى جمعا عليهم للإهانة بالقول توبيخا وبالفعل وهو التعذيب كما يقال لهم قبل دخولها ولا دليل على منع ذلك القول فى النار، نعم يتبادر القول قبلها { وَيَقُولُ } على لسان الملائكة أَو يقدر مضاف أَى يقول ملائكته { أَيْنَ شُرَكَائِى } أثبت الشركاء له تعالى استهزاءً بهم وتبكيتا، أَو على زعمهم، وهذا أشد فى التوبيخ من أَن يقال: أَين شركائى الذين كنتم تزعمون، ويضعف ما قيل أَن الإِضافة هنا لأَدنى ملابسة بمعنى أَنها لما كانت تذكر معه أَضيفت إليه { الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ } تجعلونهم فى مرتبة والله فى مرتبة من الأُلوهية والعبادة كل فى شق غير شق الآخر تعالى الله عن ذلك، أَو المشاقة العداوة لأَن عداوة المؤمنين عداوة لله، أَو يقدر مضاف أى تشاقون عبادى المؤمنين فى توحيدهم كقوله تعالى: " { يحاربون الله } "[المائدة: 33] الآية والاستفهام توبيخ لهم على الاعتماد على من لا يحضر عند الشدة فما نراهم دفعوا عنكم العذاب { قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ } الأَنبياءُ أَو العلماءُ أَو المؤمنون والملائكة أَو كلهم، والمراد الجنس لا كل فرد من العلماءِ والمؤمنين والملائِكة يقولون للكفار على طريق الشماتة بهم وزيادة إِهانة، ولا سيما الحفظة من الملائكة الذين تعنوا فى دعاءِ هؤلاءِ الكفار إلى الإِسلام وهذا العموم أَولى ولكن المتبادر فى إيتاءِ العلم المؤمنون والأَنبياء والملائكة { إِنَّ الْخِزْىَ } الذل { الْيَوْمَ } يوم القيامة بخلاف الدنيا فقد يصيبان المؤمن وهو متعلق بالخزى بلا إشكال ولا ضعف وإنما الضعف فى نصب المصدر المقرون بالمفعول به مثل " ضعيف النكاية أَعداءَه" ولا تعلقه باستقرار على الكافرين ولا بعلى الكافرين إِلا بضعف كضعف زيد مستقرا فى هجر، وزادت الآية الفصل بالعطف { وَالسُّوءَ } العذاب { عَلَى الْكَافِرِينَ } خاصة أنزل الله ذلك فى القرآن ليتعظ به الناس فيحذروا من وقوع ذلك بهم إن كفروا، والشماتة عذاب روحى أشد على النفس.