التفاسير

< >
عرض

فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً
٢٤
-مريم

تيسير التفسير

{ فناداها } أى عيسى أى فولدته فناداها بإِذن الله عز وجل { مِن تَحْتها } قبل تمام خروجه، لتحقق التحتية، أو بعده، فالتحتية اعتبار لما قبل التمام، أو لعلو جسدها عليه، وقال ابن عباس رضى الله عنهما: ناداها جبريل عليه السلام، وقرأ: فناداها ملك، فمعنى من تحتها من تحت الكدية التى ولدت عليها، ولم يحضر احتراماً لها وخوف أن تكشف عورتها، فما قيل من أن جبريل تحتها عند الولادة يقبل الولد مما لا ينبغى وقيل هاء تحتها للنخلة، وأقسم الحسن البصرى: أنه ما كان هذا، وأنه ناداها من أرض تحت أرض هى فيها.
{ أَلا تَحْزنى } أن تفسيرية لتقدم معنى القول دون حروفه لا مصدرية، بتقدير الباء إذا لا خارج النهى، يكون حدثا، وعلل النهى بقوله: { قَدْ جَعَل ربّك تحتك سَرياً } عين ماء، كما رواه البخارى ومسلم، عن البراء مرفوعاً، وفى رواية للبخارى وقفه على أبى سعيد، وصحح السيوطى أنه موقوف، قيل: وهو عين من الأردن أجراه الله عز وجل إليها إذ عطشت، وروى أن جبريل ضرب الأرض فظهرت عين ماء عذب، فجرى جدولا فيحتمل أن الله جل جلاله أنبعها من الأردن لضربه.
وقال أبو جعفر: نبعت بضرب عيسى عليه السلام، وقيل العين موجودة من قبل نبهها الله عليها، وقيل: عين يابسة أجراها الله تعالى لها، وسياق الآية ومقام الخوارق للعادة، يقضيان أحداثها، وسميت العين سرياً لأن ماءها يسرى، وعين الماء يذكر ويؤنث، ولامه عن ياء، وقيل السرى عيسى من السرو وهو الرفعة شأناً وقدراً، والسخاء والمروءة فلامه عن واو قلبت ياء، لتقدم ياء ساكنة عليها ولفظ الربوبية لتأكيد التلعيل، وتكميل التسلية، وفى الإضافة تشرف.