التفاسير

< >
عرض

ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ
١٤٧
-البقرة

تيسير التفسير

{ الْحَقُّ مِنْ رَّبِّكَ } الحق المعهود الذى أنت عليه أو الذى كتموه، أو الحق كله، أو حقيقة الحق، بحيث لا يشتد عنه شىء من ربك، وأما ما جاء من غير الله فليس بحق كالذى يفتريه اليهود والنصارى فى أمر القبلة وغيرها، كما زعمت النصارى أن عيسى فوضهم فى القبلة والتحليل والتحريم ومن ربك حال، أو خير ثان، أو نعت عند مجيزه بالظروف فى المعارف، أى هو الحق الثابت من ربك، وعلى كل وجه الجملة مستأنفة { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ } الشاكين فى أن ما أنت عليه من النبوة والقبلة وسائر الدين حق من ربك، أو فى أن أهل الكتاب عرفوه من الكتاب وكتموه، والنهى إلهاب على الإيقان، وتلويح بأنه بحيث لا يشك فيه ناظر، أو له وللأمة وحدها، ففيه تلوين الخطاب، اللهم ضمت النون الأولى، وإما أ، يكون للأمة وحدها، ففيه تلوين الخطاب، الله إلا أن يجعل كاف ربك لها أيضاً، وذكرت لأنها بمعنى العموم، أو الجمع، وفيه بُعد، ثم إن الشك ليس كسبيّاً فكيف ينهى عنه، وإنما ساغ النهى عنه، لأن المراد به تحقيق أن ما كان من الله لا يشك فيه، أو اكتساب النبى، أو هو والأمة المعارف. وليس المراد ظاهر النهى، وقد يكون الشك كسبيّاً باعتبار مبادئه، أى لا تباشر شيئاً يؤدى إلى الشك، فيجوز حمل الآية على هذا، كما أن الإيمان مأمرو به، باعتبار مبادئه وأياض الشك مقدور الإزالة، فمن كان فيه، أو فرض فيه نهى عن البقاء عليه، والمراد بالممترين الجنس، فيشمل من شك من جهلاء أهل الكتاب والعرب، لا من عرف فإنه لا يشك، لقوله تعالى " { وهم يعلمون } "[البقرة: 146] وقوله " { ليعلمون أنه الحق } " [البقرة: 144] وقوله " { يعرفون أبناءهم } " [البقرة: 146] وقد مر أن النهى عن الكون من أهل كذا أبلغ عن أن يكون كذا، ألا لا تفعل فذلك أبلغ من لا تكون ممتريا، ومن لا تمتر، وهكذا فى سائر القرآن، ولو لم أكرره.