التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ
١٥٤
-البقرة

تيسير التفسير

{ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ } أى فى شأن من يقتل { فِي سَبِيلِ اللهِ } فى الجهاد { أَمْوَاتٌ } أى هم أموات ألبتة كالجماد { بَلْ أَحْيَاءٌ } وهذا قطع عن القول ورد له، ولكن لا مانع من الوصل به، إلا أن المراد بالذات للرد له، وتقديره، بل قولوا، هم أحياء، وأرواحهم فى حواصل طير خضر، تسرح فى الجنة حيث شاءت. وأما السعداء غير الشهداء فيجاء لأرواحهم بنعيم الجينة إلى باب الجنة. وقيل ينعم غير الشهيد فى قبره بروائح وغيرها مما ليس طعاما ولا شرابا، كما أن الشقى يصل روحه فى قبره، أو فى النار، عذاب، وتارة يرجع الروح للجسد فيحيا الجسد، مسلماً أو كافرا، وذلك كما تعرض النار على أرواح آل فرعون، قال صلى الله عليه وسلم: "أرواح الشهداء فى أجواف طير خضر ترى أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتأوى إلى قناديل، أى صور قناديل معلقة تحت العرش" .
وعن ابن عباس: أرواح آل فرعون فى أجواف طير سود، وتعرض على النار بكرة وعشيا إلى يوم القيامة، فنقول: الأرواح أجسام لطيفة، وأجساد تلك الطير على صور الموتى، لو رآهم أحد لقال: رأيت فلانا، وقيل: أجساد أخر على صور الطير، ويدل له رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم فى صور الطير، ولا ينافى ذلك رواية فى أجواف طير، ورواية، فى حواصل طير { وَلَكِن لاَ تَشْعُرُونَ } ما هم فيه، من أنه تنعم أرواحهم فى أجواف طير خضر على حد ما مر، تكون الطير لها كالهوادج، وأرواح أهل النار تعذب فى أجواف طير سود، تكون لها كالتابوت فى النار، وقد يحيى أجسام هؤلاء وهؤلاء.
ونزلت الآية لما قيل فى شهداء بدر، وهم ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار، أو سبعة عشر، أو ستة عشر، بينت أسماءهم فى شرح نونية المديح، أنهم ماتوا وذهبت عنهم النعم واللذات، ولقول المشركين والمنافقين، قتلوا فى مرضاة محمد بلا فائدة.