التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَـٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ
١٦
-البقرة

تيسير التفسير

{ أُوْلَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلَٰلَةَ بِالْهُدَى } تركوا الهدى الذى فى وسعهم وطاقتهم، جعل الهدى الذى لم يوجد لهم كالموجود لأنه فى طاقتهم ويولدون عليه، ولظهور حججه حتى كأنهم قبلوه، وجعل الإعراض عنه والتلبس بضده الذى لا يجتمع معه كالشراء، فسماه شراء، الإشارة إلى المنافقين المذكورين فى تلك الآيات بتلك الأوصاف، لا إلى أهل الكتاب كما قيل، ولا إلى الكفار مطلقاً كما قيل؛ لأن التنزيل فى غيرهم لا فيهم ولو وجد المعنى فيهم، فضلاعن أن تفسر بهم { فَمَا رَبِحَتْ تِجَٰرَتُهُمْ } انتفى عنهم الريح فى تجارتهم المعهودة، التى هى شراء الضلالة بالهدى، بل خسروا أبدانهم وأوقاتهم وأموالهم، إذ لم ينالوا بها الجنة، وأضاعوا منازلهم وأزواجهم فى الجنة، وصاروا للنار بتلك الضلالة، والهدى هنا اسم مصدر بمعنى الاهتداء أو اسم للمعنى الحاصل من الهداية، كأنه قيل، اشتروا الضلالة بالاستقامة. وإسناد الربح إلى التجارة إسناد إلى السبب؛ أو الملزوم، أو المحل { وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ } إلى طريق التجر والربح، إذ أضاعوا رأس المال والربح، والآية كناية عن انتقاء مقصد المتجر وهو الربح مع حصول ضده، وهو الخسارة، وذلك شأن الدين، إما لربح أو الخسارة، بخلاف تجارة المال مقد لا تربح ولا تخسر، أو كناية عن إضاعة رأس المال، فإن من لم يهتد بطريق التجر تكثر الآفات على ماله، أو المراد أنهم لم يتجروا فلا ربح، كقوله: على لاحب لا يهتدى بمناره، أى لا منار فيه.