التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ
١٨٦
-البقرة

تيسير التفسير

قالت جماعة من العرب، أو أعرابى، لرسول الله صلى الله عليه وسلم أقريب ربنا فنناجيه، أى ندعوه سرا، أم يعيد فنناديه، أى تجهر له، فنزل قوله تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عَبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ } بعلمى بهم وبأحوالهم، ونفعى لهم وإجابة دعائهم، والله قريب، سأل العباد عنه أم لم يسألوا، ولكن المعنى، وإذا سألك عبادى عنى فقل لهم عنى إنى قريب، سألوه عن القرب والبعد الحسيين، لأنهم حديثو عهد بالإسلام، ولا سيما إذا قلنا إن السائل أعرابى، فإن البدوى كثير الجهل، وأجابهم بأنه قريب قرباً معنوياً، ويحتمل أنهم مشركون سألوه عن القرب والبعد حسا، فأجابهم بالقرب المعنوى، ولا يبعده قوله تعالى: { وإذا سألك عبادي عني } لأنه يحبب الإسلام إلى المشركين بهذا. وبما هو أعظم فليس كما قيل إن قوله عبادى وقولهم فنناجيه يبعد كون السائلين مشركين، وقيل سألوه عن القرب والبعد المعنويين، وهم مسلمون، ورجحه بعض، وهما قرب الإجابة وبعدها. وإذا قلنا السائل واحد فالجمع لكون الحكم يعم السائل وغيره، والسؤال لا يختص به، وربما سأل غيره ولذا قال إذا، مع أنه قد وقع السؤال من واحد أو جماعة، ويجوز أن تكون إذا لتنزيل حال النزول منزلة ما تقدم عن السؤال { أُجِيبُ } بإعطاء المطلوب { دَعْوَة الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } تفسير للقرب المذكور فى الآية خصوصاً. وإن أريد به عموم أنه عالم، فهذا تقرير له، وعلى الوجهين هو وعد بالإجابة ولا يشكل تخلفها لحكمة فقد تتخلف مطلقا، وقد تتخلف إلى بدل، قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله تبارك وتعالى إحدى ثلاث، إما أن يعجل دعوته، وإما أن يدخر له، وإما أن يكف عنه من السوء مثلها" { فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي } بالطاعة كما أجيب دعاءكم أو ليطلبوا إجابتى { وَلْيُؤْمِنُواْ بِي } إن كانوا مشركين ليدوموا على الإيمان إن كانوا موحدين { لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } يهتدون إلى مصالحهم الدينية والدنيوية.