التفاسير

< >
عرض

وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ
٢٠٧
-البقرة

تيسير التفسير

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى } يبيع { نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ } طلب رضى { اللهِ } بالجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر حتى يصاب بضرر أو يقتل، فالشراء لنفسه، بدلها الله، سلمت أو تلفت أو أصابه ضر إلا أن المناسب لسائر الآيات المفسرة بالقتل كقوله تعالى: " { إن الله اشترى من المؤمنين } " [التوبة: 111] أن يراد هنا أنه قتل شهيداً وقد قيل نزلت فى صهيب بن سنان الرومى عذبه المشركون ليرتد فقال: إنى شيخ كبير، لا أنفعكم ولا أضركم، خذوا مالى وخلونى، ففعلوا، وهو من العرب، ونسب للروم لأن الروم أسرته صغيراً ونشأ فيهم، وذلك شراء لنفسه من جهنم بماله، لأنه أبدله ليبقى إسلامه، لا يرتد ولا ينقص ولا حاجة لهذا على إبقاء الشراء على ظاهره، ولما حلوه هاجر للمدينة، وروى أنه هاجر فتبعته جماعة من المشركين، فنزل عن راحلته فنثر ما فى كنانته، وأخذ قوسه، فقال: يا معشر قريش لقد علمتم أنى من أرماكم، والله لا تصلون إلىّ حتى أرمى بما فى كنانتى وأضرب بسيفى ما بقى منه شىء، ثم افعلوا ما شئتم، وإن شئتم دللتكم على حالى بمكة، فرفضوا، فدلهم، وقيل لما قال لهم ذلك رغبوا عن قتاله، فقالوا له، دلنا على مالك وبيتك فعاهدوه، فدلهم فخلوه، ونزلت الآية، وأخبرهم النبى صلى الله عليه وسلم قبل قدومه واستقبله عمر رضى الله عنه وقال يا صهيب، ربح البيع، وتلا عليه الآية، ولا تضعف هذه الرواية لانتقاء المقابلة لأنا نقول لم تنتف لأن صهيبا اشترى نفسه طالباً لمرضاة الله، يقبل الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولا تأخذه العزة، ولا ينهى عن المعروف ولا يأمر بالمنكر وهاجر إلى ذلك، فذلك مقابلة تامة، ثم إن المقابلة ليست لازمة، وقيل نزلت فى الزبير والمقداد إذ خرجا إلى تنزيل خبيب من الخشبة التى صلبه عليها أهل مكة { وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ } إذا أرشدهم إلى مثل هذا الشراء المورث للثواب الوافر وجعل النعيم الكثير جزء لعلم قليل منقطع، ولم يكلف مالا يطالق أو ما فيه عسر، وأنه يغفر التائب ولو عبد الصنم ألف عام، ومات عقب توبته، وأن المال والنفس له ويشترى ملكة بملكه.