التفاسير

< >
عرض

وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ
٧٨
-البقرة

تيسير التفسير

{ وَمِنْهُمْ } من اليهود { أُمِّيُّونَ } لا يكتبون ولا يقرأون الكتابة، كأنهم فى جهنم ولدتهم أمهاتهم، أو أنهم باقون على أصل خلقهم، أو من العرب الذين لا يكتبون ولا يقرأون المكتوب، أو من أم القرى مكة وأهلها، لا يقرأون الكتابة ولا يكتبون { لاَ يَعْلَمُونَ } لا يعرفون { الْكِتَٰبَ } التوراة أو الكتابة فهم عوام، رسخ التقليد فى قلوبهم فكيف تطمعون أن يؤمنوا { إِلاَّ أَمَانِيَّ } أى لكن يعتقدون أمانى، أى أكاذيب، فالاستثناء منقطع، أو لا يعلمون المكتوب إلا مكتوبا مكذوبا فيه، أو إلا كتابا يقرأونه بلا معرفة معنى، لأن الأمانى بالشد والتخفيف بمعنى ما يقدر فى النفس ولو كذبا، وبمعنى ما يتمنى، وبمعنى ما يقرأ، فالاستثناء متصل، وذلك أنهم تلقوا من رؤسائهم المحرفين أكاذيب، أو كتبا كتبوها لهم مكذوبا بها، مثل، أن النبى صلى الله عليه وسلم الموعود به أسود أحول، قطط الشعر، قصير أو طويل بدل ربعة، وغير ذلك مما هو ضد صفته صلى الله عليه وسلم، وأن الجنة لا يدخلها إلا من كان هوداً، وأن النار لن تمسهم إلا أياماً معدودة، ونحن أبناء الله، وأحباؤه { وَإِنْ هُمْ } ما هم { إِلاَّ يَظُنُّونَ } فى جحود محمد صلى الله عليه وسلم وكتابه، والمراد بالظن خلاف العلم، فتناول لاعتقاد الجازم غير المطابق، لا الظن المشهور الذى هو الاعتقاد الراجح مع تجويزظ المقيض، طابق الواقع أو لم يطابق، لأن بعضهم جازمون بالاعتقاد الفاسد، وجاهلون جهلا مركبا وبعضهم جاهل أمى، مقلد للجاهل جهلا مركبا، فالضمير لليهود مطلقا، والقسم الثالث العارف بالحق داخل فى ذلك، لأن لفظ الجازم بالإنكار، وهو ظان، أى غير قابل بالعلم، ويجوز عوده للأميين.