التفاسير

< >
عرض

قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي
٩٦
-طه

تيسير التفسير

{ قال بَصُرتُ بما لم يَبْصُروا به } علمت ما لم يعلموا به، يقال بصر بالشىء إذا علمه، وقطن له وأبصر إذا نظر بعينه، وقيل بصره وأبصره به بمعنى واحد، ويقال البصر للجارحة الناظرة، وللقوة التى فيها، ويقال لقوة التى فى القلب المدركه بصيرة، وبصر ويقال من الاول ابصرت، ومن الثانى أبصرته، وبصرت به، وقلما يقال فى الحاسة بصرت إذا لم تجمع معها رؤية القلب، والأنسب بقوله: { وكذلك سوَّلت لى نفسى } تفسير بصر براك وهذا الإبصار فى البحر حين السوك، وقيل فى مقامهم بعد لخروج منه، وذهاب موسى الى الطور.
فعن ابن عباس رضى الله عنهما: "رأى جبريل يوم فلق البحر على فرس وهو على صورته التى كان يغذوه عليها حين ألقته أُمه فى الغار فعرفه كما يعرف الوليد أمه، ولو كان صغيراً فأخذ قبضة من أثر حافر فرسه فألقى فى قلبه أنه لا يلقى على شىء إلا كان حياً كما رآه يغذوه من أصابعه بلبن وسمن وعسل" عن على: "رآه على فرس حين جاء ليذهب بموسى الى الطور ولم يره غيره فقبض من أثر حافر فرسه قضبة" أى لما رآك منه من العجب حين يغذوه، وقيل: لأنه رأى كل موضع وقعت عليه يدا الفرس أو رجلاه ينبت فقبض قبضة منه، وذلك قوله تعالى:
{ فَقَبضْتُ قَبْضة مِنْ أثرَ الرَّسُول } أى من أثر فرس الرسول كما قرأ به عبد الله بن مسعود، وأثره التراب الذى تحت حافره، ولا حاجة الى تكلف أن اثر الرسول بلا تقدير مضاف، ذكره باسم الرسل، لأنه لم يعرفه إلا بالرسالة من الله المشى في البحر لشأن موسى، وبإطعامه من أصابعه في الغار، ولو عرفه باسم جبريل لذكر لفظ جبريل، أو ذكره بالرسالة للإشعار بوقوفه على مالم يقفوا عليه من الأسرار بمعنى المقبوض، وأصله مصدر، والمراد تراب قدر ما تقبضه اليد، وهذا الإليهة، وللتنبيه على أن الأخذ وقت الإرسال، والقبضة مفعول لأنه بمعنى المقبوض، وأصله مصدر، والمراد التراب قدر ما تقبضه اليد، وهذا أولى من أن يبقى على المصدرية مفعولا مطلقاً، ويقدر المفعول أى تراباً ثابتاً من أثر الرسول، وعلى الأول يتعلق من بقبضت والقبض بالضاد المعجمة الأخذ بجميع الكف، وبالصاد المهملة الأخذ بأطراف الأصابع.
{ فَنبَدْتُها } فى الحلى المذاب، أو فى جوف صورة العجل، فكانت حيوانا { وكَذلكَ سَوَّلتْ نَفْسى } زينت لى نفسى الأمارة بالسوء، واتبعتها لا بإلهام من الله، ولا حجة عقلية ولا نقلية، وكذلك الى التسويل المعهود في الأذهان المذكور المادة فة سوَّلت لى نفسى.