التفاسير

< >
عرض

يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ
٢٨
-الأنبياء

تيسير التفسير

{ يعْلَم ما بيْن أيديهِم وما خَلْفَهُم } لا يخفى عنه شىء من أحوالهم، فهم لعملهم بذلك يراقبونه غاية مراقبة، فلا يقولون إلا بقوله، ولا يفعلون إلا بأمره { ولا يشفَعُون إلا لمن ارْتَضى } أى ارتضاه الله عز وجل أن يشفوا له، وهو من يقول لا إله إلا الله، وأتبعه بالعمل الصالح، ومات على غير كبيرة وشفاعتهم الاستغفار فى الدنيا ويوم القيامة، وكمالا يشفعون إلا له لا يشفع الأنبياء والأولياء إلا له، لأن الأمر فى ذلك على حد سواء، ومن أسباب الارتضاء الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن فرحون القرطبى: فى الصلاة عليه عشر كرامات: صلاة الملك الجبار، وشجاعة النبى المختار، والاقتداء بالملائكة الأبرارن ومخالفة المنافقين والكفار، ومحو الأوزار، وقضاء الأوطار، وتنوير الظواهر والأسرار، والنجاة من دار البوار، ودخول دار القرار، سلام الرحيم الغفار.
وفى بعض الكتب: الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تفيد اثنتين وأربعين فائدة: امتثال أمر الله تعالى، وموافقته تعالى فى الصلاة عليه، وموافقة الملائكة فيها وعشر صلوات من الله تعالى، ورفع عشر درجات، وعشر حسنات، ومحو عشر سيئات، وإجابة الدعاء، شفاعته صلى الله عليه وسلم، وغفران الذنوب، وستر العيوب، وكفالة ما أهم والقرب منه صلى الله عليه وسلم، وقيامها مقام الصدقة، وقضاء الحوائج، وطهارة المصلى، والتبشير بالجنة قبل الموت والنجاة من هول القيامة، ورده صلى الله عليه اليه السلام، وتذكير ما نسى، وتطييب المجلس، والنجاة من حسرة القيامة، ونفى الفقر، ونفى البخل إذا صلى عليه عند ذكره صلى الله عليه وسلم، والنجاة من رغم الأنف الذى دعا به صلى الله عليه وسلم لمن لم يصل عليه عند ذكره، وإتيانها بصاحبها إلى الجنة والنجاة من نتن المجلس، أى إذا لم يذكر فيه.
وإتمام الكلام المبدوء باسم الله تعالى، والجوار بسرعة الى الجنة، والنجاة من أن يكون خافيا له صلى الله عليه وسلم، وإلقاء الله تعالى عليه الثناء الحسن بين السماء والأرض، وسبب الرحمة، وسبب البركة، ودوام محبته صلى الله عليه وسلم، وازديادها فى قلبه، ومحبته صلى الله عليه وسلم له، وسبب لقرضة، وذكره عنده صلى الله عليه وسلم، وتثبيت القدم، وأداء قليل من حقه صلى الله عليه وسلم، وشكر نعمة الله تعالىعليه به صلى الله عليه وسلم، وشكرالله تعالى ومعرفة إحسانه، ودعاء له صلى الله عليه وسلم: ودعاء لنفسه، وانطباع صورته صلى الله عليه وسلم فى صدره، وقيام الإكثار منها مقام الشيخ، قال صلى الله عليه وسلم:
"أولى الناس بى أكثرهم صلاة على" .
{ هُمْ } مع تلك المراقبة لحق منهم الله عز وجل { مِن خَشْيته } من خوفه الشديد، أو بسبب خوف عذابه عز وجل متعلق بقوله: { مشفقون } قدم للحصر والفاصلة، أى كائنون على حذر من أن يقربوا زلة، أو من أن يكون فى خشيتهم قصور، والخشية خوف مشوب بتعظيم ومهابة، ولذلك وصف بها العلماء فى قوله تعالى: " { إنما يخشى الله من عباده العلماء } " [فاطر: 28] والإشقاق خوف مع اعتناء، ومن شدة خوف الملائكة أن جبريل عليه السلام يتضاءل أحياناً حتى يصير كالوصع، وما روى جابر بن عبد الله عنه صلى الله عليه وسلم: " مررت ليلة أسرى بى جبريل عليه السلام وهو بالملأ الأعلى ملقى كالحلس البالى من خشية الله تعالى" .