التفاسير

< >
عرض

وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢٢
-النور

تيسير التفسير

{ ولا يأتَل } يفتعل من الألية بمعنى الحلفة، فالألف بدل من الهمزة التى هى فاء الكلمة، والتاء تاء الافتعال، واللام عين الكلمة والياء المحذوفة للجازم لام الكلمة، ويدل لذلك قراءة لا يتأل بوزن يفعل لكن حذفت الألف بعد اللام للجازم، وأصله ياء بمعنى لا يحلف، حلف الصديق رضى الله عنه أن لا ينفق على مسطح، وكان من المهاجرين الأولين وشهد بدراً، وكان يتيماً فى حجره، وابن خالته، وقيل ابن اخته قيل: وعلى رجل آخر كان ايضاً يتماً فى حجره للخوض فى إفك عائشة، وقطع جماعة من المؤمنين منافعهم عمن خاض فيه، فنزل: { ولا يأتل } الى { رحيم } وزعم بعض انه يفتعل من الألو بفتح الهمزة وإسكان اللام، أو الألو بضمنها وضم اللام وشد الواو.
{ أولو الفَضْل } الزيادة فى الدين { منكُم والسَّعة } الوسع فى المال كالصديق رضى الله عنه { أن يؤتُوا } على أن لا يؤتُوا، أَو يقصروا فى أن يؤتوا { أولى القربى والمساكين والمهاجرين فى سبيل الله } أى من اتصف بهؤلاء الصفات، وجمعها كمسطح المسكين المهاجر القريب للصديق، أو من فيه إحدى هؤلاء الصفات، فكيف من جمعهن { وليعْفوا وليصْفَحوا } يعرضوا عن الاساءة الصادرة منهم كأن لم تكن { ألا تُحبُّون أن يغْفر الله لكُم } كما تحبون مغفرة الله اغفروا لمن أساء، فيثيبكم أو ألا تحبون أن يغفر الله لكم فى مقابلة العفو والصفح عمن أساء بالانفاق عليه.
{ والله غفور رحيم } فافعلوا ما يفعل من المغفرة والرحمة العظيمتين، فقال الصديق: بلى والله يا ربنا إنا لنحب ان تغفر لنا، فأعاد الانفاق على من قطع عنه الانفاق، وأعاد المؤمنون النفع الى من قطعوه عنه، ويروى أنه كان ينفق على مسطح ضعفى ما كان ينفق عليه، وروى أنه قال: يا خالى والله الذى انزل على محمد براءتها ما تكلمت بشىء، فقال الصديق: لكن ضحكت وأعجبك ما قيل،فقال: لعل بعض ذلك كان، ولا كفارة عليهم.
والحنث بالعود الى الانفاق كما جاء فى الحديث:
"من حلف على شىء ورأى غيره خيراً عنه فليفعل ما هو خير فذلك كفارته" لكن لعل المراد أن فعله له جبر لما أراد فوته لا كفارة اليمين، فإنه لازمة كما فى رواية فليفعل الذى هو خير، وليكفر عن يمينه، ولعل المراد فى الآية بالايتاء العزم الشديد بدون يمين، وأنهم لم يحلفوا.