التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُوْلَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً
٣٤
-الفرقان

تيسير التفسير

{ الَّذين يُحْشَرون } يجمعون من قبورهم، ومن حيث كانُوا { على وُجوهِهِم } فهم أيضاً على صدورهم وبطونهم وما يليها، وذلك أولى من يقال يقلب الوجه وحده الى الأرض، قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحشر الناس صنف ماشون وصنف راكبون وصنف على وجوههم" فقيل: كيف يمشون عليها فقال يمشيهم عليها الذى أمشاهم على ارجلهم، وإذا صح الحديث بكل قول من قال تسحبهم الملائكة على وجوههم، اللهمَّ الا أن يقال تارة يمشون عليها، وتارة يسحبون عليها، أو بعض يمشون عليها، وبعض يسحبون عليها، وكذا ما قيل إن ذلك كناية عن الذل المفرط، أو عن الحيرة، كما يقال ذهب على وجهه إذا لم يدر أين يذهب، والذين مبتدأ خبره قوله:
{ أولئك شرٌ مكاناً وأضلُّ سَبيلاً } من مبتدأ ثان وخبره، وأشر وأضل خارجان عن التفضيل، إذ لا سوء ولا ضلال للنبى ومن آمن به، وإسناد الضلال للمكان مجاز عقلى، والمكان المسكن أو المرتبة، والمكان السطح الباطن للحاوى المماس لظاهر المحوى، فداخل الكوز سطح باطن وهو حاوٍ للماء مماس لظاهر المحوى الَّذى هو الماء، وظاهر الماء هو ما يلى منه الكوز أسفل، وجوانب وباطن الماء هو باقى الماء فى الكوز مما يمس الكوز، والمراد بالباطن داخل الشىء، ولو كان غير خفى، وبالباطن مقابله، ولا يشرط أن يكون له أطراف مستعلية فالموضع الذى قعدت فيه سطح باطن حاو لك، ومماس لما يليه منك، وهو ظاهرك الذى يليه ولم يمس ما ستره ثوبك.
وإن مسست الأرض بجسدك فجلدتك هى الظاهر منك، وأنت المحوى، لم تمس الأرض ما ردت الجلدة ما ردت هو الباطن، وظاهر الأرض هو ما يقابل منها الأرض التى تحتها، وإن شئت فقل الهواء الذى يليك كطرف الكوز، وكل جزء منه مستدير عليك، وهناك أجزاء مستديرة لا يحيط بها إلا الله تعالى، إلا انها لشدة اتصالها كهواء واحد.