التفاسير

< >
عرض

وَٱجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ ٱلنَّعِيمِ
٨٥
وَٱغْفِرْ لأَبِيۤ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ
٨٦
-الشعراء

تيسير التفسير

{ واجْعَلنى مِنْ وَرَثة جنَّة النَّعِيم } فى الدعاء بذلك، مع كمال علمه وعمله ومنزلته عند الله، إخبار بأنه لا يوجب دخول الجنة، لأن الله هو المنعم به، والحسنات تفنى فى مقابلة نعمه تعالى، وأيضاً لا يدرى بم يختم إلا من علم نفسه معصوماً، وعنه صلى الله عليه وسلم: "من أسبغ الوضوء لصلاة مكتوبة" ، وقال حين خرج للمسجد عند باب داره: "باسم الذى خلقنى فهو يهدين، هداه الله تعالى لصواب الأعمال" "، والذى هو يطعمنى ويسقين، أطعمه الله من طعام الجنة وسقاه من شرابها، وإذا مرضت فهو يشفين شفاه الله تعالى، وجعل مرضه كفارة لذنوبه، والذى يميتنى ثم يحيين أحياه الله تعالى حياة السعداء وأماته إماتة الشهداء، والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين غفرت خطاياه، ولو كانت كزبد البحر، ربِّ هب لى حكماً وألحقنى بالصالحين وهب الله تعالى له حكما وألحقه بصالحى من مضى، وصالحى من بقى، واجعل لى لسان صدق فى الآخرين، كتب فى ورقة بيضاء أن فلان بن فلان من الصادقين، ويوفقه الله بعد ذلك للصدق، واجعلنى من ورثة جنة النعيم جعل الله تعالى له القصور والمنازل فى الجنة وازاد الحسن: واغفر لوالدى كما ربيانى صغيرا كما قال:
{ واغْفر لأبى } ذنوبه، ووفقه للايمان بعد الغفران له، وهذا مخصوص بابراهيم، ولما تبين له من الله أنه شقى ترك هذه الولاية وتبرأ منه، وعذره الله فى ذلك الاستغفار، لأنه جائز عقلا، وكان قبل أن يوحى اليه فيه، وهذا على اطلاقه، وقد يقال: هذا بعد موته وان كان قبله، فطلب المغفرة له بمعنى طلب الهداية له، وهذا لا يختص به، بل جائز لغيره من الأنبياء أيضا، فلما تبين له أنه شقى ترك طلب الهداية له، والقول بأن الله يغفر الشرك قبل التوبة لغير هذه الأمة خطأ فاحش، وقيل كان أبوه مؤمنا سرا من نمروذ، ونسبه الى الضلال كما فى قوله: { إنه كان من الضَّالِّين } لأنه لم يطلع على ايمانه، مع أنه يأمره به، فلا يؤمن له، أو لأنه يجب عليه فى ذلك الشرع أن لا يكتم إيمانه ولو خاف.